ذهب أبو العالية والأعمش إلى أن المراد من الطهارة في الآية، الطهارة من الذنوب (١)، والتوبة منها، والتطهر من الشرك.
قال الرازي: وهذا القول متعين، لأن التطهر من الذنوب والمعاصي هو المؤثر في القرب من الله تعالى، واستحقاق ثوابه ومدحه، ولأنه تعالى وصف أصحاب مسجد الضرار بمضارة المسلمين، والكفر بالله، والتفريق بين المسلمين، فوجب كون هؤلاء بالضد من صفاتهم، وما ذاك إلا كونهم مبرئين عن الكفر والمعاصي انتهى (٢).
قال القاسمي: أقول: لا تسلم دعوى التعين، فإن اللفظ يتناول الطهارتين الباطنة والظاهرة. بل الثانية ما رواه أصحاب السنن والإمام أحمد وابن خزيمة في صحيحه أن النبي ﷺ قال لأهل قباء: قد أثنى الله عليكم في الطهور، فماذا تصنعون؟ فقالوا: نستنجي بالماء (٣).
• أقوال أهل العلم في المراد من الطهارة في قوله تعالى: ﴿فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا﴾:
القول الأول: أن المراد: الطهارة المعنوية، وهي الطهارة الباطنة من الذنوب والمعاصي والشرك.
القول الثاني: أن المراد: الحسية والمعنوية، وهي الطهارة الباطنة من الذنوب، والطهارة الظاهرة من النجاسة.
(١) أخرج عن الأعمش ابن أبي حاتم في تفسيره (٦/ ١٨٨٣) برقم: (١٠٠٨٥) وأورد قول أبي العالية الماوردي في النكت والعيون (٢/ ٤٠٣)، وابن الجوزي في زاد المسير (٢/ ٣٠١). (٢) مفاتيح الغيب: الرازي (١٦/ ١٤٨). (٣) محاسن التأويل: القاسمي (٨/ ٣٢٧٠).