للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قوله: فبما أوحاه الله إلى أصدق خلقه مما يثبت به رسالته. وأما فعله فلأن الله تعالى أيد رسوله ونصره نصرا خارجا عن قدرته وقدرة أصحابه وأتباعه وهذا شهادة منه له بالفعل والتأييد. وأما إقراره، فإنه أخبر الرسول عنه أنه رسوله، وأنه أمر الناس باتباعه، فمن اتبعه فله رضوان الله وكرامته، ومن لم يتبعه فله النار والسخط وحل له ماله ودمه والله يقره على ذلك، فلو تقول عليه بعض الأقاويل لعاجله بالعقوبة" (١).

• دراسة المسألة:

بعد التتبع والنظر واستقراء ما ذكره أهل العلم والمفسرون في هذه المسألة، يتبين أن الراجح هو ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني، من أن الشهادة في قوله تعالى: ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾: عامة في القول والفعل، وذلك من أوجه:

الأول: من حيث الظاهر: فالشهادة في الآية جاءت ردا على قولهم بإنكار الرسالة، وهو في قوله تعالى حكاية عنهم: ﴿لَسْتَ مُرْسَلًا﴾ والمعنى: كفى بالله شاهدا بيني وبينكم على مقالتكم، فتكون الشهادة على رد هذه المقالة عامة بالقول والفعل، والله أعلم.

الثاني: الشواهد من الآيات القرآنية الدالة على أن المراد من الشهادة: شهادة القول. ومن ذلك: قوله تعالى: ﴿وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ [سورة يس: ٣] وهو جواب لقول الكفار: ﴿لَسْتَ مُرْسَلًا﴾ (٢).

والشاهد: أن الله تعالى أقسم بالقرآن الحكيم، الذي فيه الحجج الدالة على إثبات رسالة محمد ، وهو يتضمن شهادة القول.

الثالث: ما جاء في سبب نزول السورة الذي ظاهره يؤيد القول بأن الشهادة عامة بالقول والفعل.


(١) تيسير الكريم الرحمن: السعدي (ص: ٤٢٠).
(٢) انظر: الكشف والبيان: الثعلبي (٢٢/ ٢٤٧)، وانظر: معالم التنزيل: البغوي (٧/ ٧)، وانظر: التيسير في علم التفسير: أبو حفص النسفي (٩/ ٨٩)، وانظر: فتح القدير: الشوكاني (٤/ ٤١٣)، وانظر: أضواء البيان: الشنقيطي (٦/ ٧٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>