رابعًا: أن القول بأن معنى الجناح في هذه الآية: المهر، لا يتعارض مع ما ذهب إليه كثير من المفسرين من أن المراد من الجناح الحرج، بمعنى: لا حرج عليكم، فكلاهما فيه حرج من حيث لزوم دفع المال.
ويؤيد ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني من أن المراد من الجناح: الحرج أو الإثم، اللغة:
فالمفهوم الاصطلاحي للجُناح هو: الإثم والحرج. وقد ورد بمعنيين:
المعنى الأول: الحرج، كما جاء في قوله تعالى: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ﴾ [سورة البقرة: ٢٣٥] ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ﴾.
المعنى الثاني: الإثم، كما جاء في قوله تعالى ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ﴾ [سورة الأحزاب: ٥٥] سمى به لأنه مائل بالإنسان عن الحق (٢).
• النتيجة:
بعد إيراد أقوال المفسرين في هذه المسألة، والأدلة الدالة على إطلاق نفي الجُناح على نفي الحرج والإثم، والأدلة الدالة على إطلاق نفي الجُناح على التبعة في دفع المهر، يظهر أنه لا تعارض بين أقوالهم.
وما ذكره الرازي من أوجه تؤيد المراد من أن المراد بالجناح في هذه الآية: لزوم المهر، معتبرة وليس فيها تكلف كما قال القاسمي ﵀، والله أعلم.
(١) جامع البيان: الطبري (٤/ ٢٨٨). (٢) بصائر ذوي التمييز: الفيروز آبادي (٢/ ٤٠٠).