للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• دراسة المسألة:

يظهر -والله أعلم- بعد استعراض أقوال أهل العلم والمفسرين في هذه المسألة، أن الصواب هو ما عليه أصحاب القول الثاني من أن الكلام في الآية على ظاهره، والمراد: ولتجدن اليهود أحرص على الحياة من سائر الناس ومن الذين أشركوا، للأوجه الآتية:

أولا: أن الخطاب في سياق الآيات التي قبلها وهي من قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٩٤)[سورة البقرة: ٩٤] ورد في شأن اليهود خاصة والاحتجاج عليهم، كما هو عليه عامة المُفسرين (١).

والقاعدة المقررة عند أهل العلم بأن: إدخال الكلام في معاني ما قبله وما بعده أولى من الخروج به عنها، إلا بدليل يجب التسليم به (٢). فإذا تنازع المفسرون في تفسير آية، كان من فسرها بقرينة ما قبلها من الآيات وما بعدها أحسن وأوفق للنظم وأقرب للصواب.

ثانيًا: نظائر الآيات التي تصف اليهود بحب الدنيا والخوف من الموت بسبب ذنوبهم وما قدمت أيديهم، التي تدل على أنهم أحرص الناس على الحياة، حتى من المشركين الذين يُنكرون البعث، كقوله تعالى: ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٦) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ [سورة الجمعة: ٧].

والقاعدة المقررة عند أهل العلم أن: "القول الذي تؤيده آيات قرآنية مقدّم على ما عدم ذلك" (٣).


(١) انظر: جامع البيان: الطبري (٢/ ٢٦٧)، وانظر: تفسير ابن أبي حاتم (١/ ١٧٧)، وانظر: معالم التنزيل: البغوي (١/ ١٢٢)، وانظر: تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (١/ ٥٠٠).
(٢) قواعد الترجيح عند المفسرين: حسين الحربي (١/ ١١١).
(٣) انظر: قواعد الترجيح: حسين الحربي (١/ ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>