المنكر بين يديه؛ كشرب الدخان، أو يلعبون أشياء محرمة، ويقول: أنا أكره هذا بقلبي، نقول: هذا لا يكفي، إذا كنت تكرهه بقلبك حقاً فإن قلبك سوف ينفر منه، وإذا نفر القلب فإن الجوارح سوف تنفر منه أيضاً؛ لأن النبي ﷺ يقول:"ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب" فعلى هذا نقول: إذا كرهته بقلبك ولم تستطع أن تنكره بلسانك؛ وجب عليك أن تغادر المحل، وإذا كنت تستطيع الإنكار بلسانك وجب عليك ذلك وإلا كنت آثماً" (١).
الرابع: أفعال بعض الصحابة التي تدل على أن الواجب إذا وجد المنكر في المجلس أو في الدار الإعراض، ولا يكفي الإنكار بالقلب.
فقد بوَّب البخاري ﵀ في صحيحه باب: هل يرجع إذا رأى منكراً في الدعوة؟، ثم أورد أثر ابن مسعود أنه: رأى صورة في البيت فرجع.
ودعا ابن عمر أبا أيوب فرأى في البيت ستراً على الجدار. فقال ابن عمر: "غلبنا عليه النساء. فقال: من كنت أخشى عليه فلم أكن أخشى عليك، والله لا أطعم لكم طعاماً. فرجع" (٢).
فدل فعلهما أنه إذا وُجد المنكر فإنه يُنكر إما باللسان، والإعراض، دون الجلوس والإنكار بالقلب فحسب، والله أعلم.
• النتيجة:
بعد عرض ما تقدم من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، يتبين جليًا أن الحق مع أصحاب القول الثاني، من أن الواجب إزالة المنكر بالإنكار أو الإعراض، دون الجلوس مع الإنكار بالقلب فقط، لما تقدم ذكره من الأوجه التي تؤيد ذلك، والله أعلم.
(١) لقاء الباب المفتوح: العثيمين (٣٩/ ١٩)، وانظر: فتاوى نور على الدرب: العثيمين (٢٤/ ٢). (٢) أورده البخاري في صحيحه مُعلَّقًا بصيغة الجزم، كتاب النكاح، باب هل يرجع إذا رأى منكراً في الدعوة؟، قبل حديث رقم: (٥١٨١).