للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

تنبيهات:

الأول: نسب القاسمي القول بأن سجود الملائكة لآدم كان كالقبلة للمعتزلة، والحق أن هذا القول قال به من أهل السنة الشعبي، وقال به من الأشاعرة البقاعي، إلا إن كان القاسمي يريد أن أهل السنة خالفوا المعتزلة بالجملة، فإذا ظهر قلة منهم يُوافقون المعتزلة على قولهم فلا يمنع نسبة القول إليهم على وجه التحديد.

الثاني: ذكر القاسمي أن أهل السنة قالوا إن إبليس من الملائكة، والحق أن من أهل السنة من قال أن إبليس من الجن، كالحسن البصري، وشهر ابن حوشب (١)، وابن زيد، وغيرهم (٢)، وليس المقام مقام عرض المسألة بتفصيل، وإيراد أدلة كل فريق منهم.

الثالث: ما استدل به القاسمي مما حكاه الله -سبحانه- عن إبليس ﴿قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [سورة الإسراء: ٦٢] هو باعتبار أن إبليس من الملائكة، ولو استدل القاسمي بأدلة أخرى أصرح في الدلالة على تفضيل صالحي البشر على الملائكة لكان أولى، كأمره تعالى الملائكة بالسجود لآدم في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٣٤)﴾ والفاضل لا يسجد للمفضول. وغير ذلك من الأدلة التي ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية وأطال فيها في هذه المسألة (٣).

• النتيجة:

يتبين من خلال ما تقدم ذكره من أقوال أهل العلم في هذه المسألة أن الصواب هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من أن العلة من سجود الملائكة لآدم هي التكريم والتعظيم؛ لما تقدم إيراده من الأوجه الدالة على ذلك، والله أعلم.


(١) وهو: شهر بن حوشب أبو سعيد الأشعري، الشامي، مولى الصحابية أسماء بنت يزيد الأنصارية، كان من كبار علماء التابعين، قرأ القرآن على ابن عباس، مات سنة إحدى عشرة ومائة. ينظر: سير أعلام النبلاء: الذهبي (٤/ ٣٧٢ - ٣٧٨).
(٢) جامع البيان: الطبري (١/ ٥٤٠ - ٥٤٢).
(٣) مجموع الفتاوى: ابن تيمية (٤/ ٣٥٨ - ٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>