* ثالثًا: تعقباته على الأقوال الضعيفة والشاذة في الأحكام، ومن ذلك:
أ - عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ [سورة البقرة: ١٥٨] عقَّب على استدلال أنس ابن مالك وابن الزبير ومجاهد وعطاء بقوله تعالى: ﴿وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ على أن السعي سنة، وأن من تركه لا شيء عليه (١). بأن هذا الاستدلال:"لا حجة فيه"(٢).
ب - وعند تفسيره لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ [سورة البقرة: ٢٣٩] قال: " وشذ قول الوافي وبعض الظاهرية: إن الخوف مختص بأن يكون من آدمي"(٣).
ت - وعند تفسيره لقوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [سورة النساء: ١٠٣] عقَّب على قول أبي يوسف (٤) والحسن بن زياد (٥): "صلاة الخوف كانت خاصة للرسول ﷺ ولا تجوز لغيره"(٦)، فقال: "تعلق بظاهر قوله تعالى: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ﴾ [سورة النساء: ١٠٣] من لم ير صلاة الخوف بعده ﷺ، زاعما أنها خاصة
(١) انظر: جامع البيان: الطبري (٢/ ٧٢٣) وانظر: فتح الباري: ابن حجر (٣/ ٤٩٩). (٢) محاسن التأويل: القاسمي (٣/ ٣٤٧). (٣) محاسن التأويل: القاسمي (٣/ ٦٣٠). (٤) وهو: القاضي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، الإمام، المجتهد، العلامة، المحدث، قاضي القضاة، قال عنه ابن معين: "صاحب حديث، صاحب سنة"، مات سنة اثنتين وثمانين ومائة. ينظر: سير أعلام النبلاء: الذهبي (٨/ ٥٣٨). (٥) وهو: الحسن بن زياد، أبو علي اللؤلؤي، أحد أصحاب الإمام أبو حنيفة ﵀، قال عنه أحمد الحارثي: "ما رأيت أحسن خلقاً من الحسن بن زياد" مات سنة أربع ومائتين. ينظر: الطبقات السنية في تراجم الحنفية: تقي الدين الداري (ص: ٢٢٥). (٦) مفاتيح الغيب: الرازي (١١/ ٢٠٤).