للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

البغوي: " ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ يعني: إذا عزمت على أن تفعل غدا شيئا فلا تقل: أفعل غدا حتى تقول إن شاء الله" (١).

ابن عطية: "قوله: ﴿إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ في الكلام حذف يقتضيه الظاهر، ويحسنه الإيجاز، تقديره: إلا ان تقول إلا أن يشاء الله، أو إلا أن تقول إن شاء الله، فالمعنى إلا أن تذكر مشيئة الله" (٢).

• دراسة المسألة:

ذكر القاسمي في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا﴾، وجوها في معنى النهي الوارد فيها:

منها: أن المعنى لا تقولن إلا وقت أن يشاء الله بأن يأذن لك في القول، فتكون قائلا بمشيئته، فالمشيئة على هذا بمعنى الإذن. لأن وقت مشيئة الله لشيء لا تعلم إلا بإذنه فيه أي إعلامه به (٣).

ومنها: لا تقولن لما عزمت عليه من فعل، إني فاعل ذلك غدا إلا قائلا معه إن شاء الله تبرؤا من لزوم التحكم على الله، ومن الفعل بإرادتك بل بإرادة الله، فتكون فاعلا بمشيئته. ولئلا يلزم الكذب لو لم يشأه الله تعالى (٤).


(١) معالم التنزيل: البغوي (٥/ ١٦٢).
(٢) المحرر الوجيز: ابن عطية (٦/ ٣٤٧)، وانظر: الجامع لأحكام القرآن: القرطبي (١٣/ ٢٥٠).
(٣) وهذا القول عند الزمخشري كما تقدم، ومعناه: أن المشيئة على هذا راجعة إلى القول لا إلى الفعل، ومعناها إباحة القول بالإذن فيه، وقد تعقبه ابن عطية بقوله: " وهذا قول حكاه الطبري ورُدَّ عليه، وهو من الفساد بحيث كان الواجب ألا يحكى"، ينظر: المحرر الوجيز: ابن عطية (٦/ ٣٤٨)، وينظر: التسهيل: ابن جزي (١/ ٤٦٣)، وانظر: اللباب: ابن عادل الحنبلي (١٢/ ٤٥٩).
(٤) مثل هذا الوجه من استلزام الكذب لعدم الاستثناء بقول: (إن شاء الله) ذكره غير واحد من أهل العلم كالجصاص في أحكام القرآن (٥/ ٤١)، والماوردي في النكت والعيون (٣/ ٢٩٨)، والكيا الهراسي في أحكام القرآن (٤/ ٢٦٦)، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>