للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

منهم ستين ذراعا" (١).

• دراسة المسألة:

من خلال استقراء ما ذكره المفسرون في تفسير الآية، وما أوردوه المؤرخون في هذه المسألة، يتبين أن الصواب هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من أن قوله تعالى: ﴿وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً﴾ لا يدل على طول وضخامة أجسام قوم عاد إلى ستين ذراع ونحو ذلك، وإنما يدل على عظم أجسامهم وقوتهم وشدتها مما هو معتاد وفي حد المعقول، وبتفاوت قريب، وذلك من أوجه:

الأول: أن ما روي عن جمع من السلف من أن طول قوم عاد يبلغ ستون ذراعًا أو سبعون ذراعًا غالبه إن لم يكن جُلّه من الإسرائيليات، والإسرائيليات كما هو مقرر عند أهل العلم مردودة إن خالفت شرعنا (٢).

وقد روي في الصحيح من حديث أبي هريرة عن النبي قال: «خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا ثم قال اذهب فسلم على أولئك من الملائكة فاستمع ما يحيونك تحيتك وتحية ذريتك فقال السلام عليكم فقالوا: السلام عليك ورحمة الله فزادوه ورحمةُ الله فكل من يدخل الجنة على صورة آدم، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن» (٣).

ووجه الدلالة: أنه لا أحد من البشر يبلغ من الطول والضخامة كطول آدم الذي طوله يبلغ ستون ذراعًا، فالخلق الذين جاءوا بعده مازالوا ينقصون طولاً عن طوله، فبطلت الروايات الإسرائيلية المخبرة عن طول قوم عاد وضخامة أجسامهم إلى ستين أو سبعين ذراعًا (٤).


(١) تفسير القرآن: السمعاني (٢/ ١٩٢)، وانظر: الجواهر الحسان: الثعالبي (٣/ ٤٤).
(٢) انظر: مقدمة في أصول التفسير: ابن تيمية (ص: ٤٢).
(٣) أخرجه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: ﴿وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة﴾ برقم: (٣٣٢٦)، وأخرجه مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها، باب باب: يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير، برقم: (٢٨٤١).
(٤) انظر: أحكام القرآن: ابن العربي (٤/ ٣٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>