الإسرائيليات: كل ما أخذه العلماء عن بني إسرائيل (اليهود والنصارى) من أخبار (١).
وقد تعقب بعض السلف على بعض من الروايات الإسرائيلية، ومن ذلك أن ابن عباس قال في قوله تعالى: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [سورة الصافات: ١٠٧]«المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود»(٢).
ولما كانت التعقبات في التفسير عند السلف بهذه المثابة والانتشار، صارت بعد ذلك منهجًا مسلوكًا في كثير من كتب التفسير، ورُبما أُفردت كتب خاصة في التعقبات على تفاسير متقدمة (٣)، ولم يخل من ذلك سوى التفاسير المختصرة التي قصد مؤلفوها الاختيار والعرض دون التعقب والرد.
وكلما اشتهر كتاب في التفسير وعظم اهتمام الناس به، كُلما كثُرت التعقبات عليه، ومن أظهر الأمثلة على ذلك تفسير:(جامع البيان عن تأويل آي القرآن) لابن جرير الطبري (ت: ٣١٠) الذي يُعد من أفضل التفاسير الذي تميَّز مؤلفه بالإمامة في الدين وإيراده أقوال السلف في تفسير الآية بأسانيدها، وبترجيح ما يختاره من الأقوال، مع عنايته بالقراءات، وسلامة العقيدة، وتعقباته على بعض من سبقه.
وقد تعرض هذا التفسير للتعقب والاستدراك على بعض المسائل ممن جاء بعده من أهل العلم والفضل من المفسرين ممن جمع النقل والتحليل والترجيح، وكان أبرزهم في هذا الجانب: ابن عطية (ت: ٥٤٦ هـ)، في كتابه المحرر الوجيز، وابن كثير (ت: ٧٧٤ هـ) في تفسيره، وغيرهما.
ثم تتابع المفسرون على هذا المنهج، حتى أصبحت التعقبات سمتًا عامًا في كتب التفسير المتوسطة والموسعة، وصارت إحدى الدلائل على تمكن واقتدار من المفسر في علمه، لما في
(١) التحرير في أصول التفسير: د. مساعد الطيار (ص: ١٤٣) (٢) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (١٩/ ٥٩٤). (٣) نحو كتابَيّ: (مباحث التفسير) أو (الاستدراك) لأحمد بن مظفر الرازي (ت: ٦٣١)، وهو استدراكات على تفسير الثعلبي، وكتاب: (المتدارك على المدارك) لابن ضياء العدوي الحنفي، وقد وضعه على تفسير النسفي، كما تقدم.