من الأصول الفاسدة التي بنى المعتزلة عليه مذهبهم: إنفاذ الوعيد في الآخرة على أصحاب الكبائر، وأن الله لا يقبل فيهم شفاعة، ولا يخرج أحدا منهم من النار، فهم كفار خارجون عن الملة مخلدون في نار جهنم.
قال الشهرستاني (١): "واتفقوا -أي المعتزلة- على أن المؤمن إذا خرج من الدنيا على طاعة وتوبة استحق الثواب والعوض، وإذا خرج من غير توبة عن كبيرة ارتكبها استحق الخلود في النار لكن يكون عقابه أخف من عقاب الكفار وسموا هذا النمط وعداً ووعيداً"(٢).
ومن طريقة المبتدعة أنهم يحملون النصوص الشرعية على ما يُوافق مذهبهم وأهواءهم، ففي هذه الآية استدلوا على أن الفاسق مُخلد في النار.
وقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع الأمة على أن الفاسق خلوده في النار أمدي، وليس أبدي، وهو تحت المشيئة، إن شاء الله عذَّبه وإن شاء غفر له.
رُوي عن ابن عمر أنه قال:"كنا نشهد لمن ارتكب الكبائر بالنار بهذه الآيات؛ حتى نزل قوله تعالى ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ فتوقفنا"(٣).
ومن السنة: ما أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي ذر ﵁ قال: "أتيت النبي ﷺ وعليه ثوب أبيض، وهو نائم، ثم أتيته وقد استيقظ، فقال: "ما من عبد قال: لا إله إلا الله،
(١) وهو: محمد بن عبد الكريم بن أحمد الشهرستاني، أبو الفتح، شيخ أهل الكلام والحكمة، وصاحب التصانيف، برع في الفقه على الإمام أحمد الخوافي الشافعي، مات سنة ٦٤٨ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء: الذهبي (٢٠/ ٢٨٦). (٢) الملل والنحل: الشهرستاني (١/ ٤٥). (٣) تفسير القرآن: السمعاني (١/ ٤١٩).