ذكر القاسمي في تفسير هذه الآية أن من المفسرين من قال بأن نفي الجناح في هذه الآية محصور على الطلاق في أمرين فقط وهما: ما لم يقع مسيس أو مالم يُفرض الفرض كما هو ظاهر الآية.
وتعَقُّبه على هذا التأويل بناء على المشهور من المراد من نفي الجُناح: وهو نفي الحرج أو نفي الإثم، وأن المراد من نفي الجناح الترخيص والتسهيل.
وظاهر كلام المُتقدم ذكرهم - أصحاب القول الأول- يُريدون من نفي الجناح: لا تبعة من إيجاب مهر إذا لم يقع مسيس أو فرض مهر، وليس الوقوع في الإثم والحرج بالطلاق.
وبناءً على عرض ما تقدم من كلام المُفسرين، يظهر أنه لا تعارض بين أقوالهم، فيجوز أن يكون المراد: لا إثم عليكم ولا حرج إن طلقتم النساء سواء دخلتم بهن أو لم تدخلوا بهن، فرضتم لهن فريضة من مهر أو لم تفرضوا لهن، ويجوز أن يكون المراد: لا تبعة عليكم من مهر مالم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة.
ويؤيد ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من أن المراد من الجناح: التبعة من المهر ونحوه، ما يلي:
أولاً: من حيث اللغة: "أن أصل الجناح في اللغة هو الثقل، يقال: أجنحت السفينة إذا مالت لثقلها والذنب يسمى جناحا لما فيه من الثقل، قال تعالى: ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ [سورة العنكبوت: ١٣] إذا ثبت أن الجناح هو الثقل، ولزوم أداء المال ثقل فكان جناحا، فثبت أن اللفظ محتمل له"(١).
ثانيًا: ظاهر قوله تعالى: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ أن نفي الجناح محدودا إلى غاية وهي إما المسيس أو الفرض، والتقدير: