قال القاسمي: من الناس من قال بأن كيفية إغواء الشيطان آدم كان بالوسوسة، كما قال: ﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ﴾ [سورة الأعراف: ٢٠]، فإغواؤه إغراؤه بوسواسه وسلطانه الذي جعل له، كما قال ﷺ:«إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم»(١). وزعموا أن الشيطان لم يدخل الجنة إلى آدم بعد ما أخرج منها (٢).
• أقوال العلماء في كيفية دخول إبليس الجنة إلى آدم:
القول الأول: أن إبليس دخل الجنة إلى آدم بعدما أُخرج منها، واختُلف في كيفية الدخول: فمنهم من قال: إن إبليس دخل في فم الحية وأدخلته الجنة خُفية، ومنهم من قال: إنه مُنِعَ من الدخول على جهة التكرمة كما كان يدخل مع الملائكة، ولم يمنع أن يدخل للوسوسة ابتلاء لآدم وحواء، ومنهم من قال: تمثل بصورة دابة فدخل ولم تعرفه الخزنة.
القول الثاني: إن إبليس لم يدخل الجنة ولم يصل إلى آدم بعد ما أخرج منها، وإنما بوسواسه الذي أعطاه الله تعالى، واختُلف في كيفية الوسوسة: فمنهم من قال: إنّ إبليس وقفَ على باب الجنة وناداهما، ومنهم من قال: أن إبليس كان في الأرض وأوصل الوسوسة إليهما في الجنة.
أصحاب القول الأول:
قال ابن عباس وابن مسعود، وناس من أصحاب النبي ﷺ: "لما قال الله لآدم: ﴿اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ
(١) أخرجه البخاري، كتاب بدأ الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، برقم: (٣٢٨١). ومسلم: كتاب السلام، باب بيان أنه يستحب لمن رئي خاليا بامرأة وكانت زوجته، برقم: (٢١٧٤). (٢) محاسن التأويل: القاسمي: (١/ ١٠٤) بتصرف.