للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مكي بن أبي طالب (١): " المماثلة في أنهم يعرفون الله ويعبدونه" (٢).

• دراسة المسألة:

من خلال التأمل والنظر فيما يقوله المفسرون وما يوردونه في تفسير الآية، يظهر أن الأولى بأن يُقال في المراد من مماثلة الأمم لنا هو: في معرفته تعالى، وتوحيده وتسبيحه وتحميده، وهو ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني، وذلك من وجهين:

الأول: أن القول بأن مماثلة الأمم لنا في معرفته تعالى، وتوحيده وتسبيحه وتحميده، هو المأثور عن جمع من السلف كما تقدم، والقاعدة المقررة: "أن تفسير السلف وفهمهم لنصوص الوحي حجة على من بعدهم" (٣).

ويدل على ذلك ما أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله عن ابن عباس أنه قال للخوارج لما أراد مناظرتهم: " جئتكم مِنْ عند أصحاب رسول الله ، وليس فيكم منهم أحدٌ، ومِن عند ابن عمِّ رسول الله وعليهم نزل القرآن، وهم أعلم بتأويله، جئت لأبلغكم عنهم وأبلغهم عنكم" (٤).

فهذا الأثر صريح في الدلالة على فضل الصحابة، وأنهم أعلم بكتاب الله ممن جاء بعدهم، لا سيما حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عباس ، فكان قوله ومن معه من السلف في تفسير الآية مقدم على غيرهم.

الثاني: أن القول بأن المراد من مماثلة الأمم لنا هو في معرفته تعالى، وتوحيده وتسبيحه وتحميده، له نظائر عدة من القرآن مثل قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ﴾ [سورة


(١) وهو: العلامة، المقرئ، أبو محمد مكي بن أبي طالب حموش بن محمد بن مختار القيسي، القيرواني، ثم القرطبي، صاحب التصانيف، ولد: بالقيروان سنة ٣٥٥ هـ، ومات سنة ٤٣٧ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء: الذهبي (١٧/ ٥٩١).
(٢) انظر: الهداية: مكي بن أبي طالب (وانظر: المحرر الوجيز: ابن عطية (٣/ ٧٥٢).
(٣) قواعد الترجيح: حسين الحربي (١/ ٢٧١).
(٤) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (٢/ ٩٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>