الإيجي: " ﴿وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ﴾: في شأن الكفار رد عليهم حيث قالوا: آباؤنا الأنبياء شفعاء لنا" (٢).
أصحاب القول الثاني، وهم: المعتزلة:
القاضي عبد الجبار (٣): "فإن قيل: أفتقولون بالشفاعة وتؤمنون بها؟ قيل لهم: نعم، ولكنها للمؤمنين دون الفاسقين، لأن الله ﷿ أخبر أنه يُخَلِّد الفاسقين في النار" (٤).
الزمخشري: " فإن قلت: هل فيه - يعني قوله تعالى: ﴿وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ - دليل على أن الشفاعة لا تقبل للعصاة؟ قلت: نعم، لأنه نفى أن تقضى نفس عن نفس حقا أخلت به من فعل أو ترك" (٥).
قال البيضاوي: "تمسكت المعتزلة بهذه الآية على نفي الشفاعة لأهل الكبائر، وأجيب بأنها مخصوصة للكفار، ويؤيد هذا أن ميثاق الخطاب معهم. والآية نزلت ردا لما كانت اليهود تزعم أن آباءهم تشفع لهم" (٦).
• دراسة المسألة:
من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة أنهم يؤمنون بثبوت الشفاعة لأهل الكبائر من المؤمنين، بخلاف المعتزلة الذين أثبتوها للمؤمنين دون أهل الكبائر.
والحق هو الذي عليه أهل السنة والجماعة، لثبوت أدلة الشفاعة من الكتاب والسنة
(١) تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (١/ ٣٨٧، ٣٨٨). (٢) جامع البيان: الإيجي (١/ ٤٨). (٣) وهو: القاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني، العلامة، المتكلم، شيخ المعتزلة، صاحب التصانيف، من كبار فقهاء الشافعية، ولي قضاء القضاة بالري، وتصانيفه كثيرة، مات سنة خمس عشرة وأربع مائة. ينظر: سير أعلام النبلاء: الذهبي (١٧/ ٢٤٤). (٤) شرح الأصول الخمسة: القاضي عبد الجبار (ص: ٩٢، ٩٣). (٥) الكشاف: الزمخشري (١/ ١٣٧)، بتصرف (٦) أنوار التنزيل: البيضاوي (١/ ٧٩)، وانظر: لوامع الأنوار البهية: السفاريني (٢/ ٢١٧)