للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والإجماع، والأثر:

فمن الكتاب: قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (١٩٣)[سورة آل عمران: ١٩٣].

قال الرازي: "احتج أصحابنا بهذه الآية على أن شفاعة محمد في حق أصحاب الكبائر مقبولة يوم القيامة؛ وذلك لأن هذه الآية دلّت على أن هؤلاء المؤمنين طلبوا من الله غفران الذنوب مطلقاً من غير أن يقيدوا ذلك بالتوبة، فأجاب الله قولهم وأعطاهم مطلوبهم، فإذا قبل شفاعة المؤمنين في العفو عن الذنب، فلأن يقبل شفاعة محمّد فيه كان أولى" (١).

وقوله تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [سورة محمد: ١٩].

قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: "وللمؤمنين والمؤمنات": أي، ولذنوبهم، وهذا أمر بالشفاعة" (٢). ومعلوم أن مرتكب الكبيرة لا يزول عنه الإيمان بمجرد ارتكابها إلا أن يستحل الكبيرة.

ومن السنة: ما رواه الطبراني في معجمه عن ابن عمر قال: كنا نمسك عن الاستغفار، لأهل الكبائر، حتى سمعنا نبينا يقول "إني ادَّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي يوم القيامة" (٣).

قال ابن خزيمة (٤): " أي من ارتكب من الذنوب الكبائر فأدخلوا النار بالكبائر، إذ إن


(١) مفاتيح الغيب: الرازي (٩/ ٤٦٨).
(٢) الجامع لأحكام القرآن: القرطبي (١٩/ ٢٦٨).
(٣) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (٦/ ١٠٦) برقم: (٥٩٤٢). وأخرج بنحوه أبي نعيم في الحلية (٧/ ٢٦١) قال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح غير حرب بن سريج، وهو ثقة". ينظر: مجمع الزوائد (٧/ ٥).
(٤) وهو: محمد بن إسحاق بن خزيمة، إمام الأئمة أبو بكر السلمى النيسابوري، المجتهد المطلق البحر، جمع أشتات العلوم، أقام بمدينة نيسابور، مات سنة إحدى عشرة وثلاثمائة. ينظر: طبقات الشافعية: السبكي (٣/ ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>