النحاس:"وهذا القول - يعني: نفي الحرج عن الأعمى والأعرج والمريض أن يأكلوا من البيوت التي استُخلفوا عليها أثناء الغزو - من أجل ما روي في الآية لما فيه عن الصحابة والتابعين من التوقيف أن الآية نزلت في شيء بعينه فيكون التقدير على هذا ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا عليكم أن تأكلوا"(١).
البيضاوي:"وقيل نفي للحرج عنهم في القعود عن الجهاد وهو لا يلائم ما قبله ولا ما بعده"(٢).
• دراسة المسألة:
بعد التتبع والنظر في أقوال أهل العلم وما ذكره المفسرون في هذه المسألة، يتبين أن الصواب هو ما عليه أصحاب القول الثاني من أن آية نفي الحرج في سورة النور وهي قوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ﴾ ليست على عمومها لتشمل نفي الحرج عن الغزو، وإنما هي خاصة في نفي الحرج عن مؤاكلة الأعمى والأعرج والمريض، وهو الذي عليه الأكثرون (٣)، أو لنفي الحرج عن الأعمى والأعرج والمريض بأن يأكلوا من البيوت التي استُخلفوا عليها، وذلك من أوجه:
الأول: ما جاء في سبب نزول الآية الذي يدل على ذلك: فقد روى ابن جرير الطبري في تفسيره بسنده عن معمر، قال: قلت للزهري، في قوله: ﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ﴾: ما بال الأعمى ذكر هاهنا والأعرج والمريض؟ فقال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله " أن المسلمين كانوا إذا غزوا خلفوا زمناهم، وكانوا يدفعون إليهم مفاتيح أبوابهم يقولون: قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما في بيوتنا وكانوا يتحرجون من ذلك، يقولون: لا ندخلها وهي غيب. فأنزلت هذه الآية رخصة لهم"(٤).
(١) الناسخ والمنسوخ: النحاس (ص: ٦٠٢)، وانظر: نيل المرام: القنوجي (ص: ٤٠٩). (٢) أنوار التنزيل: البيضاوي (٤/ ١١٥). (٣) نص على هذا الرازي في مفاتيح الغيب (٢٤/ ٤٢١). (٤) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (١٧/ ٣٦٨)، وانظر: الصحيح المسند من أسباب النزول: الوادعي (ص: ١٥٢).