للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

٨ - مراعاة الأدب ومعرفة قدر المُتعقب عليه، ومن ذلك:

أ - عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ [سورة البقرة: ٢٣٦] قال: " أخذ بعض المفسرين يحاول البحث بأن عنوان نفي الجناح- عما ذكر هنا- يفيد ثبوته فيما عداه، مع أنه لا جناح أيضا فيه. وتكلف للجواب- سامحه الله- ولا يخفاك أن مثل هذا العنوان كثيرا ما يراد به في التنزيل الترخيص والتسهيل" (١). فالشاهد هو قول القاسمي: " وتكلف للجواب سامحه الله" الذي يدل على مراعاة الأدب ومعرفة قدر المُتعقب عليه.

ب - وعند تفسيره لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ﴾ [سورة الأعراف: ٢٠٦]. أورد قول الرازي: "المشبهة تمسكوا بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ .. ﴾ وقالوا: لفظ (عند) مشعر بالجهة" (٢). ثم أجاب بما هو معروف للخلف. ويعني، سامحه الله، بالمشبهة الحنابلة، وهم براء من التشبيه، كما يعلمه من طالع عقائدهم (٣). فالشهاد هو قول القاسمي: "ويعني سامحه الله" الذي يدل سلامة قلبه من النيل من خصومه، ودعائه لهم بالرحمة والمغفرة، لعل الله تعالى أن يغفر لهم.

ت - وعند تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [سورة الحج: ٥٢]. قال: " وأما ما ذكره ابن حجر من أن القصة [يعني قصة الغرانيق] رويت مرسلة من طرق على شرط الصحيح، وأنه يحتج بها من يرى الاحتجاج بالمرسل (٤). فقد ذهب عليه كما قال في الإبريز أن العصمة من العقائد التي يطلب فيها اليقين. فالحديث الذي يريد خرمها ونقضها، لا يقبل على أي وجه جاء. وقد عد


(١) محاسن التأويل: القاسمي (٣/ ٦١٩).
(٢) مفاتيح الغيب: الرازي (١٥/ ٤٤٥).
(٣) محاسن التأويل: القاسمي (٧/ ٢٩٣٨).
(٤) انظر: فتح الباري: ابن حجر (٨/ ٤٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>