للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ابن عبد البر: "قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ إنما هو استئناف كلام للدعاء لهم بدعائهم لمن سبقهم بالإيمان، لا لغير ذلك" (١).

القرطبي: "قوله: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ استئناف كلام بالدعاء لمن سبقهم بالإيمان، لا لغير ذلك" (٢).

قال بعض المفسرين: " ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ مبتدأ، ندبوا بالدعاء للأولين، والثناء عليهم، وهم من يجيء بعد الصحابة إلى يوم القيامة" (٣).

• دراسة المسألة:

بعد التتبع والنظر واستقراء ما ذكره المفسرون وأهل العلم في هذه المسألة، يظهر أن الصواب هو ما عليه أصحاب القول الأول من أن قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ الآية، معطوف على ما قبله، فيكون الفيء شاملا للفقراء ومن معهم، والذين تَبَوَّءُوا الدار، والذين جاءوا من بعدهم، وهو الذي عليه أكثر المفسرين (٤)، وذلك من أوجه:

أولا: ما رويَ عن مالك بن أوس بن الحدثان (٥) أنه قال: قرأ عمر بن الخطاب: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾ حتى بلغ ﴿عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [سورة التوبة: ٦٠]، ثم قال هذه لهؤلاء، ثم قرأ: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ﴾ [سورة الأنفال: ٤١]، ثم قال: هذه لهؤلاء، ثم قرأ: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى﴾ حتى بلغ للفقراء ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ﴾ ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا


(١) التمهيد: ابن عبد البر (٤/ ٤٣٢).
(٢) الجامع لأحكام القرآن: القرطبي (١٠/ ١٠).
(٣) الكتاب الفريد: المنتجب الهمذاني (٦/ ١٢٥)، وانظر: البحر المحيط: أبو حيان (٢٠/ ٢٧٨)، وانظر: التحرير والتنوير: ابن عاشور (٢٨/ ٩٧).
(٤) نص على هذا الواحدي في البسيط (٢١/ ٣٨٤)، والآلوسي في روح المعاني (٢٧/ ٣٩).
(٥) وهو: مَالِك بن أَوْس ابن الحَدَثان أحد بنى نَصْر بن معاوية بن بكر بن هَوَازن بن منصور بن عِكْرِمة بن خَصَفة بن قيس بن عَيلان، تأخّر إسلامه، ولم ير النبيّ، ، ولا روى عنه شيئًا، مات سنة ٧٢ هـ. ينظر: الطبقات الكبرى: ابن سعد (٧/ ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>