للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ ثم قال: استوعبت هذه الآية المسلمين عامة، وليس أحد إلا له فيها حق (١).

ووجه الدلالة: أن عمر بن الخطاب فسَّر الآية بأن الذين جاءوا من بعد الصحابة رضوان الله عليهم، من التابعين، بأن الفيء يشملهم جميعًا، فدل هذا بأن قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ معطوف على ما سبقه، والله أعلم.

وروى عن مالك بن أنس أنه قال: من تنقص أحدًا من أصحاب رسول الله ، أو كان في قلبه عليه غل فليس له حق في فيء المسلمين، ثم تلا هذه الآيات. قال: وهذا نص في الكتاب بين (٢).

الثاني: نظائر الآية الدالة على أن الذين جاء ذكرهم في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ هم القسم الثالث ممن يستحق فقراؤهم من مال الفيء، وهم المهاجرون ثم الأنصار، ثم التابعون لهم بإحسان، كما قال في آية براءة: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ [سورة التوبة: ١٠٠] فالتابعون لهم بإحسان هم المتبعون لآثارهم الحسنة وأوصافهم الجميلة، الداعون لهم في السر والعلانية؛ ولهذا قال تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ﴾ أي: قائلين: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا﴾ أي: بغضا وحسدا (٣).

الثالث: أن قول من قال: إن قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ مبتدأ خبره ﴿يَقُولُونَ﴾ غير صحيح؛ لأنه يقتضي أنه تعالى أخبر بأن كل من يأتي بعدهم يقول: ﴿رَبَّنَا


(١) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الخراج و الإمارة، باب: في صفايا رسول الله من الأموال، برقم: (٢٩٦٦)، قال الألباني: حديث صحيح، وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (٢٢/ ٥١٦)، وأورده ابن كثير في تفسيره (٧/ ٢٣٢).
(٢) انظر: الكشف والبيان: الثعلبي (٢٦/ ٢٤٧)، وانظر: معالم التنزيل: البغوي (٨/ ٨٠)، وانظر: زاد المسير: ابن الجوزي (٤/ ٢٦٠)، وانظر: النهي عن سب الأصحاب: الضياء المقدسي (ص: ٨٤).
(٣) انظر: تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (٧/ ٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>