وفي هذا أيضًا يقول إبراهيم النخعي في تفسير الآية:" كانوا يكرهون للمؤمنين أن يستذلوا، وكانوا إذا قدروا عفوا"(١).
ثالثًا: فيما يتعلق في أحوال إقامة العقوبات على أهل الفسق والفجور: فإذا كان الباغي معلنا بالفجور، مُصرا على الظلم، وقحا في الجمهور، مؤذيا للصغير والكبير، فيكون الانتقام منه أفضل، وإذا كان معترفًا بالزلة، ويسأل المغفرة، فالعفو هاهنا أفضل، وفي مثله نزلت: ﴿وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [سورة البقرة: ٢٣٧](٢).
وبهذا يتبين أن الآية تدل على أن الانتصار أفضل في أحوال، وليس كما يُفهم من قول القاسمي ﵀ من أن الآية لا تدل على ذلك. وتدل أيضًا بأن العفو أفضل في أحوال، كما تقدم.
• النتيجة:
يتبين من خلال ما تقدم ذكره من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، أن الصواب بأن الآية تدل على أن الانتصار ليس بأفضل مطلقًا، وإنما أفضل في أحوال، بخلاف ظاهر ما ذهب إليه القاسمي ﵀ من أن الآية تدل على أن العفو أفضل في جميع الأحوال لما تقدم بيانه، والله أعلم.
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (١٠/ ٣٢٧٩)، برقم: (١٨٤٨٦). (٢) انظر: أحكام القرآن: الجصاص (٥/ ٢٦٣)، وانظر: أحكام القرآن: ابن العربي (٤/ ٩٣)، وانظر: أحكام القرآن: ابن الفرس (٣/ ٤٦٩)، وانظر: مفاتيح الغيب: الرازي (٢٧/ ٦٠٤).