ابن كثير:" ﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ﴾ والمعنى لو ذهبتم هاربين يوم القيامة، لردتكم الملائكة والزبانية بإرسال اللهب من النار، والنحاس المذاب عليكم لترجعوا "(١).
أصحاب القول الثاني:
الحداد:" ﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ﴾ أي يرسل على من استحقّ منكما بمعاصيه لهب من النار"(٢).
الشنقيطي:" ﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ﴾ الآية، فهو يدل على ذلك التقدير على أنهم لو أرادوا النفوذ في أقطارها حرقهم ذلك الشواظ والنحاس"(٣).
العثيمين:" ﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ﴾ يعني لو استطعتم، أو لو حاولتم أن تنفذوا من أقطار السماوات، لكان هذا الجزاء ﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ﴾ أي: محمى بالنار"(٤).
• دراسة المسألة:
من خلال التأمل في أقوال أهل العلم واستقراء ما ذكره المفسرون في تأويل الآية، يتبين أن الأقرب للصواب هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من أن الخطاب في قوله تعالى: ﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ﴾ يكون في الآخرة، وذلك من أوجه:
الأول: نظائر الآية وظاهرها الذي يدل على أن الخطاب يكون في الآخرة: ففي مقام الحشر، والملائكة محدقة بالخلائق، لا يقدر أحد على الذهاب إلا بسلطان، أي بأمر الله، كما يقول جل وعلا: ﴿يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠) كَلَّا لَا وَزَرَ (١١) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ﴾ [سورة
(١) تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (٧/ ١٠٩). (٢) لباب التفاسير: الكرماني (ص: ٢٧٤٠). (٣) أضواء البيان: الشنقيطي (٣/ ١٥٣، ١٥٤)، وانظر: دفع إيهام الاضطراب: الشنقيطي (ص: ٢٢٧). (٤) تفسير القرآن الكريم (من الحجرات إلى الحديد): العثيمين (ص: ٣١٦)، بتصرف.