القيامة: ١٢]، وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [سورة يونس: ٢٧]، ولهذا قال تعالى: ﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ﴾ والمعنى لو ذهبتم هاربين يوم القيامة، لردتكم الملائكة والزبانية بإرسال اللهب من النار والنحاس المذاب عليكم لترجعوا (١).
الثاني: من حيث دلالة السياق: فسياق الآيات في الحديث عن أهوال يوم القيامة، فما قبل هذه الآية وما بعدها يدل على أن الخطاب يكون في الآخرة، فإن قبلها قوله تعالى: ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ﴾، وهذا في الآخرة، وبعدها قوله تعالى: ﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ﴾ [سورة الرحمن: ٣٧] وهذا في الآخرة (٢).
الثالث: أن الخطاب في الآيات لجميع الإنس والجن، فإنه جاء بصيغة العموم، وهي قوله: ﴿يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ﴾ فلا بد أن يشترك الكل في سماع هذا الخطاب ومضمونه، وهذا إنما يكون إذا جمعهم الله في صعيد واحد، يسمعهم الداعي، وينفذهم البصر. وقال تعالى: ﴿إِنِ اسْتَطَعْتُمْ﴾ ولم يقل: إن استطعتما، لإرادة الجماعة، كما في آية أخرى ﴿يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ﴾ [سورة الأنعام: ١٣٠]، وقال: ﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا﴾، ولم يقل: يرسل عليكم، لإرادة الصنفين، أي لا يختص به صنف عن صنف، بل يرسل ذلك على الصنفين معا (٣).
(١) انظر: طريق الهجرتين: ابن القيم (٢/ ٩٢٢)، وانظر: تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (٧/ ١٠٩)، وانظر: جامع البيان: الإيجي (٤/ ٢٣٦). (٢) انظر: تفسير مقاتل بن سليمان (٤/ ١٩٩، ٢٠٠)، وانظر: جامع البيان: الطبري (٢٢/ ٢١٧، ٢٢٦)، وانظر: طريق الهجرتين: ابن القيم (٢/ ٩٢٢)، وانظر: إرشاد العقل السليم: أبو السعود (٨/ ١٨١). (٣) انظر: طريق الهجرتين: ابن القيم (٢/ ٩٢٣).