بآيات فرض الزكاة، إنما هو في الحقيقة بيان لحقٍ قد كان واجبا. ثم إنه فسر بيانه وبين مقدار المخرج وكميته، وليس رفع الحكم من أصله.
فيُقال في تفسير هذا المُجمل: أن الله أوجب الزكاة في مكة إيجابا مجملا -وذلك أن سورة الأنعام مكية- فتعين فرض اعتقادها، ووقف العمل بها على بيان الجنس والقدر والوقت، فلم تكن بمكة حتى تمهد الإسلام بالمدينة؛ فوقع البيان، فتعين الامتثال (١).
تنبيه:
اختلف أهل العلم قديمًا في قوله تعالى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ بين الإحكام والنسخ، فمن المفسرين من قال بأن قوله تعالى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ منسوخ بآيات فرض الزكاة في المدينة (٢)، ومنهم من قال بأن الآية محكمة (٣)، وأفضل من كتب في هذه المسألة بحسب ما وقفت عليه هو الدكتور مصطفى زيد (٤)، فقد أجاد فيها وأفاد.
• النتيجة:
من خلال ما تقدم ذكره في هذه المسألة، يتبين أن الصواب هو ما ذهب إليه القاسمي ﵀ من أن المراد من قول بعض السلف: أن الآية منسوخة هو تفسير المجمل، وبيان المبهم، وتخصيص العام، ونحو ذلك، والله أعلم.
(١) انظر: أحكام القرآن: ابن العربي (٢/ ٢٨٦). (٢) انظر: جامع البيان: الطبري (٩/ ٦١٠)، وانظر: فتح القدير: الشوكاني (٢/ ١٩٢)، وانظر: أضواء البيان: الشنقيطي (٢/ ٢٥٠). (٣) انظر: تفسير القرآن: السمعاني (٢/ ١٥٠)، وانظر: المحرر الوجيز: ابن عطية (٤/ ١٤٩)، وانظر: إرشاد العقل السليم: أبو السعود (٣/ ١٩٢). (٤) انظر: النسخ في القرآن: د. مصطفى زيد (٢/ ٧٢٢ - ٧٣٠).