ومن قال بالوقف عند قوله تعالى: ﴿أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾: فإن الظرف يتعلق بلفظ: ﴿مُحَرَّمَةٌ﴾، فيكون التحريم مدة أربعين سنة (١).
ولعل الأقرب والأصوب من القولين، هو ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني من أن الظرف في قوله تعالى: ﴿أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾ متعلق بـ ﴿مُحَرَّمَةٌ﴾، وذلك من أوجه:
الأول: أنه قد ثبت أنَّ بعض من في التيه قد دخل الأرض المقدسة، ومنهم يوشع (فتى موسى ﵉ الذي قاد جموع بني إسرائيل ـ بعد موت موسى ﵇ في التيه ـ فدخل بهم الأرض المقدسة بعد انقضاء السنون، ولو كانت محرمة عليهم جميعاً للزم منه موت كل من حضر التيه، وهذا لا يُعقل (٢).
الثاني: أن قوله: ﴿عَلَيْهِمْ﴾ عامٌّ، وقد حُرِّمت عليهم كلهم مدة الأربعين، فلم يدخلها أحد، ولا يصلح أن تكون لفظة: ﴿عَلَيْهِمْ﴾ عموماً للتحريم دون التيه، والجملة مرتبطةٌ ألفاظها، وضمائرها متناسقة في نظم واحد (٣).
الثالث: أن حمل تعلق الظرف في قوله تعالى: ﴿أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾ على التحريم، أكمل في بيان مدّة التحريم، وذلك لأن العامل في ﴿أَرْبَعِينَ﴾ محرمة، فيجب وصله معه، ولا حامل على تقديم المعمول وهو: ﴿يَتِيهُونَ﴾ (٤).
• النتيجة:
بعد إيراد ما تقدم في هذه المسألة، يتبين أنها من المسائل التي اختلف فيها العلماء قديمًا، فلا
(١) انظر: المكتفى في الوقف والابتداء: أبو عمرو الداني (ص: ٥٩)، وانظر: مفاتيح الغيب: الرازي (١١/ ٣٣٥). (٢) انظر: أنوار التنزيل: البيضاوي (٢/ ١٢٢)، وانظر: الدر المصون: السمين الحلبي (٤/ ٢٣٦)، وانظر: المحرر في علوم القرآن: د. مساعد الطيار (ص: ٢٦٣). (٣) المحرر في عوم القرآن: د. مساعد الطيار (ص: ٢٦٣). (٤) انظر: التسهيل: ابن جزي (١/ ٢٢٨).