الأصوليون الخبر الذي يكون على تلك الصفة، من الأخبار التي يجب القطع بكذبها. هذا لو فرض اتصال الحديث، فما ظنك بالمراسيل؟ وإنما الخلاف في الاحتجاج بالمرسل وعدم الاحتجاج به، فيما هو من قبيل الأعمال وفروع الأحكام، لا في أصول العقائد ومعاقد الإيمان بالمرسل وما جاءوا به. فهي هفوة من ابن حجر يغفرها الله له" (١). فالشاهد هو اعتذار القاسمي ﵀ للحافظ ابن حجر ودعاؤه له بالمغفرة.
٩ - التشنيع في الوصف على المُتعقب عليه، ومن ذلك:
أ - عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾ [سورة النساء: ٣٣] أورد قول أبي مسلم الأصفهاني: " بأن المراد من الذين عاقدت أيمانكم: الزوج والزوجة" (٢). فقال: "هذا التأويل المذكور وما قبله طريقة من لا يقف مع الآثار السلفية في التفسير. ويرى مزاحمتهم في الاجتهاد في ذلك ذهابا إلى أن ما لم يتواتر في معنى الآية، من خبر أو إجماع، فلا حجة في المروي منه آحادا، مرفوعا أو موقوفا، وإن صح. وهذه الطريقة سبيل طائفة قصرت في علم السمع وأقلت البحث عنه. فنشأ من ذلك النقص من الدين والزيادة فيه بالرأي المحض. " (٣).
ب - وعند تفسيره لقوله تعالى: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [سورة الأنعام: ١٠٣]. قال: "كون المنفي من الإدراك في هذه الآية هو الإدراك الدنيوي خاصة، لا يحتاج إلى حجة ولا برهان. ومن فهم من بعض الفرق، كالمعتزلة، من هذه الآية أن المنفي هو الإدراك في النشأتين، فقد نادى على نفسه بالجهل بما دل عليه كتاب الله تعالى وسنة رسوله ﷺ المتواترة" (٤). فالشاهد هو الوصف بالجهل بما دل عليه الكتاب والسنة.