للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ت - وعند تفسيره لقوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [سورة الأنفال: ١]. أورد ما وقع عند الزمخشري أن المسلمين اختلفوا في غنائم بدر، لمن الحكم فيها اللمهاجرين أم للأنصار، أم لهم جميعا؟. فأجيبوا بأن الحاكم فيها الرسول، وليس لأحد فيها حكم (١). وتأثر الزمخشري أبو السعود في سوقه لما ذكر، وزاد عليه اعتماده له، بتطويل ممل (٢).

قال القاسمي: "ولا أدري من أين سرت لهم هذه الرواية. فإن رواة الآثار لم يخرجوها في صحاحهم ولا سننهم، بل ولا أصحاب السير، كابن إسحاق وابن هشام. وهل يمكن للمسلمين أن يختلفوا للحكم على الغنائم، ويتنازعوا ولايتها، والرسول بين أظهرهم؟ ومتى عهد ذلك من سيرتهم؟ سبحانك هذا بهتان عظيم! ولكن هو الرأي (قاتله الله!) ونبذ كتب السنة، والتقليد البحث، الذي لا يهتم صاحبه بحقائق الأشياء، ولا يريد معرفتها ولا فحصها بالعقل يضع قدمه على القدم، حيث يكون مطواعا لآراء غيره، منقادا لها مصدقا ما ينطق به فمه، غثا كان أو سمينا. اللهم نور بصيرتنا بفضلك" (٣).

وهذا من أعظم الوصف في التشنيع، فالغيرة على اتباع الكتاب والسنة ونبذ التقليد تجعل القاسمي يلقي مثل هذه الأوصاف على أهل البدع خاصة، وله في سلفه الصالح وموقفهم من المبتدعة أسوة حسنة.

* * *


(١) انظر: الكشاف: الزمخشري (٢/ ١٩٤).
(٢) انظر: إرشاد العقل السليم: أبي السعود (٤/ ٢).
(٣) محاسن التأويل: القاسمي (٨/ ٢٩٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>