للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

القرطبي: " قوله تعالى: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ﴾ نزلت في زيد بن حارثة على ما تقدم بيانه. وفي قول ابن عمر: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد دليل على أن التبني كان معمولا به في الجاهلية والإسلام يتوارث به ويتناصر إلى أن نسخ الله ذلك بقوله: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ أي أعدل. فرفع الله حكم التبني ومنع من إطلاق لفظه" (١).

ابن عاشور: "وهذه الآية ناسخة لما كان جاريا بين المسلمين ومن النبي من دعوة المتبنين إلى الذين تبنوهم فهو من نسخ السنة الفعلية والتقريرية بالقرآن" (٢).

• دراسة المسألة:

من خلال التتبع والنظر في أقوال أهل العلم، وما ذكروه في هذه المسألة يتبين أن الصواب هو ما ذهب إليه عامة أهل العلم من أن قوله تعالى: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ الآية. ناسخ لما كان في الجاهلية من التبني، وأقره الإسلام في بداية الأمر، وذلك من وجهين:

الأول: ما جاء في ظاهر نزول الآية، فقد روى الشيخان في صحيحهما من حديث عبد الله بن عمر : «أن زيد بن حارثة، مولى رسول الله ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد، حتى نزل القرآن: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾» (٣).

فدل هذا على أن حكم التبني كان جائزا في أول الأمر، على عادة الجاهلية التي أقرها الإسلام، ثم رُفع هذا الحكم بالخطاب الشرعي في الآية، فَنُسخ هذا الحكم من الجواز إلى التحريم.


(١) الجامع لأحكام القرآن: القرطبي (١٧/ ٥٧).
(٢) التحرير والتنوير: ابن عاشور (٢١/ ٢٦٣).
(٣) أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن (سورة الأحزاب)، باب: ﴿ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله﴾، برقم: (٤٧٨٢)، وأورده ابن كثير في تفسيره (٦/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>