للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الثاني: أن القول بأن قوله تعالى: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ الآية. ناسخ لما كان في الجاهلية من التبني هو قول جماهير أهل العلم من المفسرين (١)، وبعضًا من الأصوليين (٢)، وجماعة من الفقهاء والمحدثين وشراح السنن (٣)، وقد عقد البيهقي في السنن الكبرى بابًا سمّاه: " باب نسخ التبني وإباحة نكاح امرأة فارقها من تبناه أو ابنة من كان في الدين أخاه"، ثم ساق حديث عبد الله بن عمر ، أن زيد بن حارثة مولى رسول الله ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد حتى نزل القرآن: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ (٤).

ولا يُعلم عن أحد من أهل العلم من المتقدمين أو المتأخرين من رد القول بأن التبني منسوخ بقوله تعالى: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾، إلا جماعة من المعاصرين (٥)، ولم يجد الباحث من أحدهم أنه استند على أدلة تؤيد ما ذهب إليه، والله أعلم.

تنبيه:

قول ابن العربي في أحكام القرآن: "قال جماعة: هذا ناسخ لما كانوا عليه في الجاهلية من التبني والتوارث، ويكون نسخا للسنة بالقرآن وقد بينا أن هذا لا يكون نسخا؛ لعدم شروط النسخ فيه؛ ولأن ما جاء من الشريعة لا يقال إنه نسخ لباطل الخلق .... إلخ" (٦). قد جاء ما يُناقضه من قوله الصريح بأن التبني منسوخ بالآية.


(١) انظر: أحكام القرآن: الجصاص (٣/ ٥)، وانظر: أحكام القرآن: الكيا الهراسي (٤/ ٣٤٣)، وانظر: تفسير القرآن العظيم: السخاوي (٢/ ٩٨)، وانظر: لباب التأويل: الخازن (٣/ ٤٠٩)، وانظر: فتح الرحمن: العُليمي (٥/ ٣٤٠).
(٢) انظر: الفصول في الأصول: الجصاص (٢/ ٣٢٦)، وانظر: مقاصد الشريعة: ابن عاشور (٣/ ١٧٠، ١٧١).
(٣) انظر: التمهيد: ابن عبد البر (٥/ ٥٨٠)، وانظر: البيان والتحصيل: ابن رشد (١٧/ ١٨٩)، وانظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم: القرطبي (٦/ ٣٠٦)، وانظر: الفروق: القرافي (٣/ ١٤٧)، وانظر: مجموع الفتاوى: ابن تيمية (٣٥/ ٩٥)، وغيرهم كثير.
(٤) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (١٤/ ٢٥٥)، برقم: (١٤٠٢٩)، والحديث أصله في صحيح البخاري، كتاب
(٥) انظر: بيان المعاني: عبد القادر آل غازي (٥/ ٤٥٦)، وانظر: النسخ في القرآن: مصطفى زيد (ص: ٦٢٧).
(٦) أحكام القرآن: ابن العربي (٣/ ٥٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>