بن الحنفية، وإبراهيم النخعي، وغيرهم من أن إيتاء الحق يوم الحصاد في قوله تعالى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ كان واجبا، ثم نسخه الله بالعشر ونصف العشر.
ثم عقَّب الحافظ ابن كثير على هذا القول فقال: تسميته نسخا فيه نظر؛ لأنه قد كان شيئا واجبا. ثم إنه فسر بيانه وبين مقدار المخرج وكميته (١).
والذي يظهر أن الحافظ ابن كثير ﵀ نظر إلى معنى النسخ من حيث مفهومه عند الأصوليين وعند المتأخرين والذي هو بمعنى: رفع الحكم الشرعي بطريق شرعي متراخ عنه (٢).
وليس كما فَهم ﵀، فإن مفهوم النسخ عند السلف كما هو معلوم يختلف عن مفهومه لمن جاء بعدهم، كما نص الأئمة على ذلك (٣).
قال: ابن تيمية: "و"فصل الخطاب": أن لفظ "النسخ" مجمل فالسلف كانوا يستعملونه فيما يظن دلالة الآية عليه من عموم أو إطلاق أو غير ذلك (٤).
وقال الشاطبي: "الذي يظهر من كلام المتقدمين أن النسخ عندهم في الإطلاق أعم منه في كلام الأصوليين؛ فقد يطلقون على تقييد المطلق نسخا، وعلى تخصيص العموم بدليل متصل أو منفصل نسخا، وعلى بيان المبهم والمجمل نسخا، كما يطلقون على رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر نسخا؛ لأن جميع ذلك مشترك في معنى واحدا، وهو أن النسخ في الاصطلاح المتأخر اقتضى أن الأمر المتقدم غير مراد في التكليف، وإنما المراد ما جيء به آخرا؛ فالأول غير معمول به، والثاني هو المعمول به" (٥).
فما ورد عن السلف في تفسير قوله تعالى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ بأنه منسوخ
(١) انظر: تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (٣/ ٦٢٣). (٢) انظر: الإحكام في أصول الأحكام: الآمدي (٣/ ١٠٥)، وانظر: المستصفى: الغزالي (ص: ٨٦). (٣) انظر ما تقدم ذكره في مسألة (٢٥) ص: (٤) مجموع الفتاوى: ابن تيمية (١٤/ ١٠١). (٥) الموافقات: الشاطبي (٣/ ٣٤٤).