للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الملائكة لآدم: التحية والتكريم والتعظيم لآدم ، وليس لأنه كالقبلة وذلك من أوجه:

الأول: نظائر الآية من الآيات تدل على أن السجود سجود تحية كالسلام منهم عليه، وقد كانت الأمم السالفة تفعل ذلك كما يحيي المسلمون بعضهم بعضا بالسلام. وقال قتادة في قوله: ﴿وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا﴾ كانت تحية الناس يومئذ سجود بعضهم لبعض (١).

الثاني: أن القول بأن سجود الملائكة لآدم كان كالقبلة، ليس فيه تفضيل لآدم على الملائكة؛ كما أن السجود إلى الكعبة ليس فيه تفضيل للكعبة على المؤمن عند الله بل حرمة المؤمن عند الله أفضل من حرمتها.

الثالث: أن آدم لو كان قبلة لم يمتنع إبليس من السجود أو يزعم أنه خير منه. فإن القبلة قد تكون أحجارا وليس في ذلك تفضيل لها على المصلين إليها، وقد يصلي الرجل إلى عنزة وبعير وإلى رجل ولا يتوهم أنه مفضل بذلك فمن أي شيء فر الشيطان؟.

الرابع: أنه لو جعل آدم قبلة في سجدة واحدة لكانت القبلة وبيت المقدس أفضل منه بآلاف كثيرة إذ جعلت قبلة دائمة في جميع أنواع الصلوات؛ فهذه القصة الطويلة التي قد جعلت علما له ومن أفضل النعم عليه وجاءت إلى العالم بأن الله رفعه بها وامتن عليه ليس فيها أكثر من أنه جعله كالكعبة في بعض الأوقات مع أن بعض ما أوتيه من الإيمان والعلم والقرب من الرحمن أفضل بكثير من الكعبة؛ والكعبة إنما وضعت له ولذريته؛ أفيجعل من جسيم النعم عليه أو يشبه به في شيء نزرا قليلا جدا هذا ما لا يقوله عاقل" (٢).

الخامس: أن من المفسرين من نبه على ضعف قول من قال أن سجود الملائكة لآدم كان كالقبلة، كما تقدم من كلام ابن تيمية، وقبله الرازي (٣)، وابن كثير الذي تبع الرازي ووافقه على تضعيفه (٤)، مما يؤكد ضعف هذا القول.


(١) مفاتيح الغيب: الرازي (٢/ ٤٢٧، ٤٢٨)
(٢) مجموع الفتاوى: ابن تيمية (٤/ ٣٥٨، ٣٥٩).
(٣) انظر: مفاتيح الغيب: الرازي (٢/ ٤٢٨)، وانظر: مباحث التفسير: ابن المظفر (ص: ٨٥).
(٤) انظر: تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (١/ ٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>