للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

السماوات، فإن قدر محيط به كان عالياً علو المحيط على المحاط به.

وقد تقدم قولهم: (إن الفلك كري) فيلزم أن تكون الأفلاك محيطة بالأرض، فهي فوقها باتفاق العلماء، فما كان محيطاً بالجميع أولى بالعلو والارتفاع، وإن لم يكن مماثلاً لشيء من المخلوقات ولا مجانساً لأفلاك ولا غيرها" (١).

وقال ابن القيم: "إنه إذا كان سبحانه مباينا للعالم فإما أن يكون محيطا به أو لا يكون محيطا به فإن كان محيطا به لزم علوه عليه قطعا ضرورة علو المحيط على المحاط به ولهذا لما كانت السماء محيطة بالأرض كانت عالية عليها" (٢).

وصفة الإحاطة صفة حقيقة ذاتية ثابتة لله تعالى على الوجه اللائق به، من الكتاب والسنة:

فمن الكتاب: قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ﴾ [سورة الإسراء: ٦٠]، وقوله: ﴿أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ﴾ [سورة فصلت: ٥٤] وقوله: ﴿وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ﴾ [سورة البروج: ٢٠].

قال ابن أبي العز: " وليس المراد من إحاطته بخلقه أنه كالفلك، وأن المخلوقات داخل ذاته المقدسة، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وإنما المراد: إحاطة عظمته، وسعة علمه وقدرته، وأنها بالنسبة إلى عظمته كالخردلة" (٣).

ومن السنة: حديث: "اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء" (٤).

قال ابن تيمية: "لم يَجِئ هذا الاسم الباطن في قوله: وأنت الباطنُ فليس دونَك شيءٌ،


(١) درء تعارض العقل والنقل: ابن تيمية (٧/ ٨).
(٢) الصواعق المرسلة: ابن القيم (٤/ ١٣٠٨).
(٣) شرح الطحاوية: ابن أبي العز (ص: ٢٥٩).
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع، برقم: (٢٧١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>