للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

المسجد، فخرج إليه النبي فقال: "اطلقوا ثمامة، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله" (١).

فالكافر منهي عما ينهى عنه المسلم، فإذا منع المسلم من دخول المسجد، وقد أكل بصلاً أو ثوماً ونحو ذلك مما تتأذى منه الملائكة، منع الكافر كذلك في حال إذا كان جُنبا، والله أعلم.

ثالثًا: أن الجنب ليس نجساً، فبدنه، وعرقه، وريقه طاهر، فلا يمنع من دخول المسجد، بل إن المسلم المتضمخ بالنجاسة على وجه لا يتعدى لا يمنع من دخول المسجد، فإذا كان على بدن المسلم أثر بول، أو على ثوبه، لم يحرم عليه دخول المسجد، فالجنب من باب أولى.

فقد روى البخاري بسنده عن أبي هريرة قال: «لقيني رسول الله وأنا جنب، فأخذ بيدي، فمشيت معه حتى قعد، فانسللت، فأتيت الرحل فاغتسلت، ثم جئت وهو قاعد فقال: أين كنت يا أبا هريرة؟ فقلت له: فقال: سبحان الله، يا أبا هريرة إن المؤمن لا ينجس» (٢).

وجه الشاهد منه: قوله: «إن المؤمن لا ينجس» سواء قلنا: إن معنى الحديث: إن المؤمن لا ينجس بالجنابة، وإن كانت قد تلحقه النجاسة الحسية كغيره، أو قلنا: إن المؤمن طاهر بإيمانه، كما أن المشرك نجس بشركه، فهي طهارة معنوية، فعلى كلا التفسيرين إذا كان المؤمن لا ينجس، ولو كان جنباً، فالطاهر لا يمنع من دخول المسجد.

رابعًا: إذا كانت الحائض لا تمنع من دخول المسجد على الصحيح، مع أن حدثها أغلظ من حدث الجنابة، فالجنب من باب أولى.

فقد روى البخاري في صحيحه عن عائشة قالت: "خرجنا مع رسول الله لا نذكر


(١) أخرجه البخاري في صحيحه مختصرا: كتاب المغازي، باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال، برقم: (٤٣٧٢).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الغسل، باب الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره، برقم: (٢٨٥)، وأخرجه ومسلم، كتاب الحيض، باب الدليل على أن المسلم لا ينجس، برقم: (٣٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>