للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

رابعًا: إن هذا التركيب في كتاب الله : ﴿لِكَيْ لَا﴾، لم تأتِ (لا) فيه زائدة البتة، بل كانت عمدة لا يتم المعنى بدونها، نقرأ في قوله سبحانه: ﴿لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا﴾ [سورة الأحزاب: ٣٧]، فلا يجوز مُطلقًا أن يُقال: إن (لا) زائدة، والمعنى: لكي يكون على المؤمنين حرج. وقوله سُبحانه: ﴿كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾ [سورة الحشر: ٧]، فلا يصح المعنى لو حذفت (لا) وقيل: لكي يكون دولة.

وعلى هذا، فـ (لا) في قوله تعالى: ﴿لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ﴾، لا يصح القول بزيادتها، إذ لا يتم المعنى بدونها.

خامسا: أن تأويل الآية: لتتمرّنوا على الصبر في الشدائد، فلا تحزنوا على نفع فات أو ضرٍّ آت، هو الذي يليق بالنظم الكريم، وذلك أن غزوة أحد ليست هي آخر مرحلة من مراحل الجهاد في حياة المسلمين، فالجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة، والحرب سجال، فالآية تقرير علوي للمسلمين، وحثٌ لهم على أن يصبروا إذا أصيبوا في بعض معاركهم مع عدو الله وعدوهم، لأنهم ظفروا بإحدى الحسنيين … هي دعوة لهم لكي يتغلبوا على جراحاتهم وأحزانهم (١).

تنبيهات:

الأول: مسألة وقوع الزيادة في القرآن مما اختلف فيه العلماء قديمًا، والحق الذي أدين الله به أنه ليس في القرآن ألفاظ زائدة لا أثر لها في الاعراب أو المعنى.

يقول ابن تيمية: "ولا يذكر في القرآن لفظا زائدا إلا لمعنى زائد وإن كان في ضمن ذلك التوكيد وما يجيء من زيادة اللفظ في مثل قوله ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾ وقوله ﴿عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ﴾ وقوله ﴿قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ فالمعنى مع هذا أزيد من المعنى


(١) لطائف المنان: فضل عباس (ص: ٢١٥، ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>