للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ننظر أي نراه. وقد تراءينا الهلال أي نظرْناه (١).

مناقشة ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني:

تقدم أن أصحاب القول الثاني من الشيعة والمعتزلة ومن نحا نحوهم من أهل البدع المنكرين لرؤية الله تعالى، ذهبوا إلى أن الآية تدل على أن النظر غير الرؤية، وأنه لا يقتضي الرؤية، ومثله في قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾.

والجواب عما ذهبوا إليه أن يُقال: بأن قياس النظر في آية الأعراف على آية القيامة مردود، من وجهين:

الوجه الأول: أن الموصوفين بالنظر في الآية هم الأصنام على قول جمع من المفسرين (٢)، ولا شك أنهم جماد لا ينظرون، فيكون المعنى: تحسبهم أنهم ينظرون إليك مع أنهم في الحقيقة لا ينظرون، لأن لهم أعينا مصنوعة بأجفانها وسوادها يحسب الإنسان أنها تنظر إليه بإقبالها عليه وليست تبصر شيئا (٣)، بخلاف آية القيامة فإن الحي إذا نظر إلى شيء فإن إبصار ذلك الشيء يحل لا محالة عند انتفاء موانع الرؤية (٤).

وأيضًا: بأن الوجوه محل الإبصار والإبصار محل الرؤية وآلة لها، فالوجوه محل للرؤية وآلة لها، ودل على ذلك استعمال العرب كقول القائل:

وجُوهٌ نَاظرَاتٌ يَوْمَ بَكر … إلى الرَّحْمنٍ تَنتظِرُ الخَلاصَا

والمراد من هذا الرحمن: مسيلمة الكذاب، لأنهم كانوا يسمونه رحمن اليمامة، فأصحابه كانوا ينظرون إليه ويتوقعون منه التخلص من الأعداء (٥).


(١) انظر: المحكم والمحيط الأعظم: ابن سيده (١٠/ ٣٣٨)، وانظر: لسان العرب: ابن منظور (١٤/ ٢٩٥)، وانظر: القاموس المحيط: الفيروز آبادي (١٢٨٥).
(٢) وإلى هذا ذهب جمع من المفسرين كالثعلبي في تفسيره (١٢/ ٦٢٩)، والسمعاني (٢/ ٢٤٢)، والبغوي في تفسيره (٣/ ٣١٥)، والقرطبي في تفسيره (٩/ ٤١٨)، وغيرهم.
(٣) انظر: البرهان: الزركشي (٣/ ٣٩٥)، وانظر: مفاتيح الغيب: الرازي (١٥/ ٤٣٤).
(٤) انظر: الإشارات الإلهية: الطوفي (ص: ٣٠٣).
(٥) انظر: مفاتيح الغيب: الرازي (٣٠/ ٧٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>