للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إثبات المعنى الحقيقي يلزم منه إثبات صفة الكلام لله تعالى حقيقة، وهذا يُخالف عقيدة المعتزلة، فقالوا بما معناه أن هذا من المجاز، وعقيدة الأشاعرة الذين يريدون بالكلام: الكلام النفسي وليس الحقيقي.

وتفسير الزمخشري لقوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ﴾ بمعنى: أخطر بباله دلائل التوحيد المؤدية إلى المعرفة الداعية إلى الإسلام. مردود من أوجه:

الأول: أنه خلاف ظاهر اللفظ، ولا يجوز العدول عن الظاهر إلا بدليل يصرف المعنى الظاهر إلى معنىً آخر.

يقول ابن جرير الطبري: " وغير جائز ترك الظاهر المفهوم من الكلام إلى باطن لا دلالة على صحته" (١).

الثاني: أن مثل هذا التأويل يُعتبر من المجاز وهو: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له (٢)، ومسألة وقوع المجاز في القرآن أو في اللغة مما اختُلف فيه وليس المقام بأن يُذكر هذا الخلاف، ولكن على التسليم بوقوعه فهو مشروط بوجود قرينة تصرف من المعنى الحقيقي إلى المعنى المجازي إن كان فيما لا يتعلق بصفات الله تعالى كما في هذه الآية، ولا قرينة (٣).

الثالث: أن مثل هذا التفسير يُخالف أقوال المفسرين من السلف -رضوان الله عليهم- كابن عباس، والحسن، وعطاء، وغيرهم (٤)، التي تفيد المعنى الحقيقي، وهم أعلم بكتاب الله تعالى ممن جاء بعدهم، وكل خير في اتباعهم.


(١) جامع البيان: الطبري (١/ ٦٢١).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى: ابن تيمية (٧/ ٩٠). وانظر: بدائع الفوائد: ابن القيم (٤/ ١٦٦٠).
(٣) انظر: بيان تلبيس الجهمية: ابن تيمية (١/ ٢٦٣)، وانظر: مجموع الفتاوى: ابن تيمية (٧/ ٩٠).
(٤) أخرج نحوا من أقوالهم ابن أبي حاتم في تفسيره (١/ ٢٣٩) وأورد منها الثعلبي في الكشف والبيان (٤/ ١٣٥، ١٣٦)، والبغوي في معالم التنزيل (١/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>