لإجماع المسلمين على أن التطوع بالسعي لغير الحاج والمعتمر غير مشروع والله أعلم" (١).
الثاني: يُحتمل أن يكون التطوع مصروفًا لشيء آخر، وليس للسعي بين الصفا والمروة.
قال الرازي: " وأما التمسك بقوله: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ فضعيف، لأن هذا لا يقتضي أن يكون المراد من هذا التطوع هو الطواف المذكور أولا، بل يجوز أن يكون المقصود منه شيئا آخر، قال الله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ ثم قال: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ﴾ [سورة البقرة: ١٨٤] فأوجب عليهم الطعام، ثم ندبهم إلى التطوع بالخير فكان المعنى: فمن تطوع وزاد على طعام مسكين كان خيرا، فكذا هاهنا يحتمل أن يكون هذا التطوع مصروفا إلى شيء آخر وهو من وجهين:
أحدهما: أنه يزيد في الطواف فيطوف أكثر من الطواف الواجب مثل أن يطوف ثمانية أو أكثر (٢).
الثاني: أن يتطوع بعد حج الفرض وعمرته بالحج والعمرة مرة أخرى حتى طاف بالصفا والمروة تطوعا" (٣).
وقال ابن عاشور (٤): "قوله: ﴿وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ تذييل لما أفادته الآية من الحث على السعي بين الصفا والمروة بمفاد قوله: ﴿مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾، والمقصد
(١) فتح الباري: ابن حجر (٣/ ٤٩٩). (٢) قال ابن باز ﵀: "إذا كنت تعمدت الزيادة هذا غلط عليك التوبة والاستغفار؛ لأن السنة سبع في الجمار وسبع في الطواف وسبع في السعي، فالزيادة التي فعلتها إن كان عن احتياط شكيت أو احتطت فلا بأس، أما إذا كان تعمداً منك فهذا لا يجوز الزيادة على ما شرعه الله، ولكن لا يبطل الطواف ولا السعي ولا الرمي والحمد لله". فتاوى نور على الدرب (١٧/ ٤٧٥). وقال العثيمين ﵀" ينبغي ألا يزيد عن العدد الذي شرعه الله ﷿ على لسان رسوله ﷺ؛ بل شرعه الله في سنة رسول الله ﷺ " فتاوى نور على الدرب (١٢/ ٢). (٣) مفاتيح الغيب: الرازي (٤/ ١٣٨). (٤) وهو: محمد الطاهر بن عاشور: رئيس المفتين المالكيين بتونس وشيخ جامع الزيتونة، مولده ووفاته ودراسته بها. عين شيخا للإسلام مالكيا، من أشهر مؤلفاته (التحرير والتنوير) في تفسير القرآن، مات سنة ١٣٩٣ هـ. ينظر: الأعلام: الزركلي (٦/ ١٧٤).