مكي بن أبي طالب:" ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ﴾ أي: ما أعطى بعضهم بعضا ليرد الآخذ على المعطي أكثر مما أخذ منه فلا أجر فيه للمعطي لأنه لم يبتغ في إعطائه ثواب الله، إنما ابتغى الازدياد من مال الآخذ، فذلك حلال لكم ولا أجر لكم فيه"(١).
أبو حفص النسفي:" ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ﴾: أي: وما أعطيتم أحدا من شيء طلب الازدياد به لتزيدوا من أموالهم في أموالكم -وهو أن يكون العطاء طلبا للمكافأة في الدنيا والاستكثار- فإنه لا يزداد عند الله؛ أي: لا يضاعف لكم أجره؛ لأنكم قد نلتم أجر ذلك في الدنيا بإعطائكم إياه، فلا مكافأة لكم عند الله"(٢).
ابن العربي:"صريح الآية فيمن يهب يطلب الزيادة من أموال الناس في المكافأة"(٣).
أصحاب القول الثاني:
الجصاص:" والربا الذي كانت العرب تعرفه وتفعله إنما كان قرض والدراهم والدنانير إلى أجل بزيادة على مقدار ما استقرض على ما يتراضون به ولم يكونوا يعرفون البيع بالنقد وإذا كان متفاضلا من جنس واحد هذا كان المتعارف المشهور بينهم ولذلك قال الله تعالى: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ﴾ فأخبر أن تلك الزيادة المشروطة إنما كانت ربا في المال العين لأنه لا عوض لها من جهة المقرض"(٤).
الزمخشري:"هذه الآية في معنى قوله تعالى ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ سواء بسواء، يريد: وما أعطيتم أكلة الربا ﴿مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ﴾ فِي أموالهم: ليزيد ويزكو في أموالهم، فلا يزكو عند الله ولا يبارك فيه"(٥).
(١) الهداية: مكي بن أبي طالب (٩/ ٥٦٩٢). (٢) التيسير في علم التفسير: أبو حفص النسفي (١٢/ ٣٧). (٣) أحكام القرآن: ابن العربي (٣/ ٥٢٣)، وانظر: الجامع لأحكام القرآن: القرطبي (١٦/ ٤٣٨). (٤) أحكام القرآن: الجصاص (٢/ ١٨٤). (٥) الكشاف: الزمخشري (٣/ ٤٨١).