وهذا التأويل عليه جماعة من السلف كابن مسعود في رواية، وحذيفة بن اليمان، وابن عمر، وسلمان الفارسي، وجابر بن عبد الله، والحسن، ورواية عن مجاهد (١).
الثالث: أن المتقرر في أصول التفسير وعند أهل العلم أنه إذا لم نجد التفسير في القرآن، ولا في السنة، ولا عند الصحابة، فعندئذ نرجع إلى تفسير التابعين، وأقوال التابعين ليست حجة على أقوال غيرهم ممن خالفهم وسبقهم من الصحابة (٢).
وتفسير المقام المحمود بالشفاعة جاء عن النبي ﷺ، وعن الصحابة، وجماعة من التابعين مما يُغني عن الرجوع إلى تفسير التابعي.
الرابع: أن النبي ﷺ سُئل عن المقام المحمود كما تقدم فقال: هي الشفاعة ولم يذكر الإقعاد، ومن المتقرَّر في الأصول أنَّه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، والحاجةُ في النُّصوص الاعتقادية هي وقت الخطاب (٣).
الخامس: أن مثل هذه المسائل تعد من الأمور الغيبية التي لا مجال للرأي فيها، وتحتاج إلى نصوص صحيحة من الوحييْن، أو قول من صحابي ليكون له حكم الرفع، إن لم يثبت ما يُخالفه، فكيف إذا جاء الأثر عن تابعي قد ثبت ما يُخالفه.
تنبيهات:
الأول: ما تعقب به الواحدي ﵀ على ما روي عن ابن مسعود ﵁ ومجاهد في تأويل الآية من غير تثبت في صحة ما روي عنهما، ووصف أقوالهما بالفساد والفظاعة، من التسرع والعجلة في الحكم، ومثل هذه الأوصاف غير لائقة بأهل الفضل لاسيما خير الناس بعد النبي ﷺ كالصحابة والتابعين.
(١) أخرج أقوالهم ابن جرير الطبري في تفسيره (١٥/ ٤٤ - ٥٠)، وانظر: زاد المسير: ابن الجوزي (٣/ ٤٧). (٢) انظر: مقدم في أصول التفسير: ابن تيمية (ص: ٤٤ - ٤٦)، وانظر: تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (١/ ٦). (٣) انظر: مجموع رسائل العقيدة (حقيقة التأويل): المعلمي (٦/ ٣١).