ويُعَرَّف النقد عند أهل الأدب بأنه: عملية وصفية تبدأ بعد عملية الإبداع مباشرة وتستهدف قراءة الأثر الأدبي ومقاربته قصد تبيان مواطن الجودة والرداءة (١).
فالتعقب يُرادف كذلك النقد بالجملة فكلاهما فيه تمييز جيد الكلام من رديئه، وصحيحه مِنْ فاسده، إلا أن الفرق في ذلك أن عمل الناقد في الكتابة يختلف عن عمل المتعقب، وذلك أن المتعقب يتميز بالألفاظ والأوصاف على الأقوال أو الاستنباطات التي تدل على ضعفها دون أن يعتد بها، أو يذكر لها احتمال وجه، بينما الناقد يزيد على المتعقب بذكر بعض المحاسن لهذا القول أو لهذا الاستنباط ونحو ذلك، ويكون الكلام فيه أكثر عمومًا من التعقبات، والله أعلم (٢).
وأما الرَّد: فهو " صَرْفُ الشَّيْءِ ورَجْعُه "(٣)، ويُقال:"ورد إليه جوابا أي رجع"(٤)، ورد عليه الشيء، إذا لم يقبله، وكذالك إذا خطأه (٥). فالردود العلمية هي نوع من المراجعات التي يُقصد بها التخطأة والرفض، ولا تأتي إلا عقبها، وفيهما يتعقب اللاحق على السابق، فهي تُرادف التعقبات بالجملة.
إلا أن الفرق بين الردود والتعقبات:
- أن التعقبات قد تكون صريحة وغير صريحة إذا قيل أن هذا قول فيه نظر، أو فيه بُعد، بخلاف الردود العلمية التي تكون صريحة في رد القول بتخطأة صاحبه أو تضليله.
- وفي التعقبات قد يكون الصواب مع المُتعقب وقد يكون مع المُتَعقب له، بخلاف الردود العلمية التي في الغالب يكون الحق مع صاحب الرد لأن صاحب الرد يكون ردّه مبنيًا على التتبع والدقة وتحري الحق، ومن ذلك كتاب الرد على الزنادقة والجهمية للإمام أحمد، وكتاب الرد على بشر المريسي للدارمي، وكتاب الاستغاثة في الرد على البكري لابن تيمية،
(١) منهج النقد الحديث: أماني الأنصاري (ص: ٢). (٢) انظر مثلا عمل الدكتور ضيف الله الزهراني في كتابه، مصادر السيرة النبوية دراسة تحليلة نقدية. وانظر مثلا: عمل الباحث عادل مقرني في رسالته العلمية: اختلاف المفسرين دراسة تحليلية نقدية. (٣) لسان العرب: ابن منظور (٣/ ١٧٢). (٤) لسان العرب: ابن منظور (٣/ ١٧٣). (٥) تاج العروس: الزبيدي (٨/ ٨٩)، وانظر: الكليات: الكفوي (ص: ٤٧٦).