للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

دونه حتى تبلغه. ثم قال سعد بن معاذ: امض، يا رسول الله! لما أردت، فنحن معك. فوالذي بعثك بالحق! لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك. ما تخلف منا رجل واحد. وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا. إنا لصبر في الحرب صدق في اللقاء (١).

الوجه الرابع: أنه تعالى ذكر بعد ذلك قوله: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ﴾ [سورة النساء: ٧٨]. ولا شك أن هذا من كلام المنافقين (٢).

ولا شك أن الأوجه التي ذكرها القاسمي في أن الآية نزلت في المنافقين سديدة، كما تقدم من أقوال بعض المفسرين، ولكن الاشكال إن تعارض سبب النزول مع دلالة السياق مع تعذر الجمع بين القول بأنها نزلت في بعض الصحابة والقول بأنها نزلت في المنافقين، فشتان بينهما.

فهل يُرجَّح ما صح من سبب النزول في تفسير القرآن على دلالة السياق أم العكس؟

ففي تفسير هذه الآية نجد أن ما روي في سبب نزولها المتقدم قد صدر من حبر الأمة ابن عباس ، الذي دعا له النبي بقوله: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل" (٣).

فالصحابة هم الذين شهدوا التنزيل وعرفوا أحواله، فكان قولهم في تفسير الآي، ومنه قولهم في أسباب النزول مقدم على ما يفهمه من جاء بعدهم من دلالة السياق في تفسير القرآن، وإن كان بعض أهل العلم من المفسرين قد مال إلى تقديم دلالة السياق على سبب النزول (٤)، ولكن الأولى تقديم أقوال السلف لما ورد في فضلهم ومنزلتهم.

فإن كان المختار من المراد في قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ﴾ الآية. بعض الصحابة ، بناءً على ما صح من سبب النزول، فإنه يؤول بنا إلى إشكال


(١) انظر: السيرة النبوية: ابن هشام (١/ ٦١٥)، وانظر: السيرة النبوية: ابن كثير (٢/ ٣٩٢).
(٢) محاسن التأويل: القاسمي (٥/ ١٤٠٠). بتصرف.
(٣) أخرجه أحمد في مسنده (٤/ ٢٢٥)، برقم: (٢٣٩٧) وصححه محققوا المسند.
(٤) انظر ما أورده صاحب كتاب المحرر في أسباب النزول من أقوال في هذا الموضوع (١/ ١٨١ - ١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>