للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أصحاب القول الثاني، وذلك من أوجه:

الأول: أنه يشمل كل ما ثبت في النصوص أنه كبيرة كالشرك، والقتل، والزنا، والسحر، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات، وغير ذلك من الكبائر التي فيها عقوبات مقدرة، ويشمل أيضاً ما ورد فيه الوعيد كالفرار من الزحف وأكل مال اليتيم وأكل الربا وعقوق الوالدين واليمين الغموس وشهادة الزور، ويشمل كل ذنب توعد صاحبه بأنه لا يدخل الجنة، وما قيل فيه من فعله فليس منا، وما ورد من نفي الإيمان عن من ارتكبه كقوله : "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن … الحديث" (١)، (٢).

فكل من نفي الله عنه الإيمان والجنة أو كونه من المؤمنين فهو من أهل الكبائر، لأن هذا النفي لا يكون لترك مستحب، ولا لفعل صغيرة، بل لفعل كبيرة.

الثاني: أنه مأثور عن بعض السلف من الصحابة والتابعين. كما تقدم

الثالث: أن هذا الضابط يمكن الفرق به بين الصغائر والكبائر بخلاف غيره. وذلك أن الله تعالى قال: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا﴾ [سورة النساء: ٣١]، فقد وعد مجتنب الكبائر بتكفير السيئات واستحقاق الوعد الكريم، وكل من وعد بغضب الله أو لعنته أو نار أو حرمان جنته أو ما يقتضي ذلك، فإنه خارج عن هذا الوعد فلا يكون من مجتنبي الكبائر، وكذلك من استحق أن يقام عليه الحد، لم تكن سيئاته مكفرة عنه باجتناب الكبائر. إذ لو كان كذلك لم يكن له ذنب يستحق أن يعاقب عليه، والمستحق أن يقام عليه الحد له ذنب العقوبة عليه (٣).

الرابع: أن جمع من أهل العلم ذهب إلى أن الكبائر غير محصورة بعدد معين، إنما هي كل ما أطلق الله عليها بأنها كبيرة، أو رتَّب عليها عقابًا ووعيدا، أو علَّق عليها حدًّا، ونحو


(١) أخرجه البخاري، كتاب الحدود، باب السارق حين يسرق، برقم: (٦٧٨٢)، وأخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان نقصان الإيمان بالمعاصي، برقم: (٥٧).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى: ابن تيمية (١١/ ٦٥١ - ٦٥٥) باختصار.
(٣) انظر: مجموع الفتاوى: ابن تيمية (١١/ ٦٥٤، ٦٥٥). وانظر: نواقض الإيمان الاعتقادية: الوهيبي (١/ ١٠٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>