ذلك. وإلى هذا ذهب ابن الصلاح (١) والإمام أحمد فيما نقله القاضي أبو يعلى ورجحه القرطبي (٢) وابن تيمية وتقدم ما نُقل عنه في الأوجه، والذهبي (٣) وغيرهم.
قال القرطبي في شرح مسلم:" والصحيح إن شاء الله تعالى: أن كل ذنب أطلق الشرع عليه أنه كبير أو عظيم، أو أخبر بشدة العقاب عليه، أو علق عليه حدا، أو شدد النكير عليه وغلظه، وشهد بذلك كتاب الله أو سنة أو إجماع: فهو كبيرة. "(٤).
وقد استحسن ابن حجر العسقلاني هذا التعريف فقال:" ومن أحسن التعاريف قول القرطبي في المُفهم "(٥).
مناقشة قول الطبري ﵀ بحصر الكبائر في كل ما جاء وصفه بأنه كبيرة:
ظاهر عبارة الطبري المتقدمة: حصر الكبائر بما نص عليه النبي ﷺ بأنه كبيرة دون غيره مما عليه حد أو وعيد ولم ينص على أنه كبيرة، وهذا مردود والله أعلم من أوجه:
الأول: يلزم من قوله أن بعض الذنوب كالسرقة والرشوة مثلاً لا تُعد من الكبائر لعدم ورود نص يصرح بأنها من الكبائر، على الرغم من أن مفسدة هذه قد تكون في بعض الأحيان أكبر من مفسدة بعض المنصوص عليها (٦).
الثاني: أن هذا القول يلزم منه أن يكون عدد الكبائر محصورًا بعدد الأصابع، وكل ذنب لم يوصف بأنه كبيرة فهو من الصغائر، وهذا خلاف مفهوم الأوصاف التي وصف فاعلها بأنه ملعون أو عليه حد، فلا يصف الشارع من فعل هذه الأفعال التي فيها لعن أو حد أو وعيد إلا لِعظمها وشناعتها.
(١) انظر: شرح صحيح مسلم: النووي (٢/ ٨٥). (٢) انظر: فتح الباري: ابن حجر (١٠/ ٤١٠). (٣) الكبائر: الذهبي (ص: ٨). (٤) المفهم: القرطبي (١/ ٢٨٤). (٥) فتح الباري: ابن حجر (١٢/ ١٨٤). (٦) انظر: نواقض الإيمان الاعتقادية: الوهيبي (ص: ١١١).