يصفون الله ﷾ بما وصف به نفسه، وبما وصفه نبيه من غير تحريف ولا تشبيه" (١).
ولكنه عفا الله عنه كان مما آخر ما ألف كتاب: تاريخ الجهمية والمعتزلة الذي لم يُوَفّق لتأليفه لما تضمنه من الثناء على رأس الضلالة الجهم بن صفوان والدفاع عنه، والتشنيع على الأمير خالد بن عبد الله القسري، إضافة على ذلك أنه في هذا الكتاب رمى أهل الحديث والأثر بالتعصب المذموم، وعد الجهمية والمعتزلة من أهل الاجتهاد (٢)، وقد فرغ من تأليفه قبل وفاته بنحو سنتين، فهو من آخر رسائله (٣).
ونحن إذا نظرنا في مواقف السلف مع المبتدعة نجد أنهم ينهون عن مجالستهم والاستماع لهم، فكيف بمن أثنى عليهم أو دافع عنهم؟!
يقول أبو داود السجستاني قلت: لأبي عبد الله أحمد بن حنبل أرى رجلا من أهل السنة مع رجل من أهل البدعة أترك كلامه؟ قال: لا أو تعلمه أن الرجل الذي رأيته معه صاحب بدعة فإن ترك كلامه فكلمه وإلا فألحقه به (٤).
وقال الفضيل بن عياض (٥): "من عظم صاحب بدعة، فقد أعان على هدم الإسلام، ومن تبسم في وجه مبتدع فقد استخف بما أنزل الله ﷿ على محمد ﷺ، ومن زوج كريمته مبتدع فقد قطع رحمها، ومن تبع جنازة مبتدع لم يزل في سخط الله حتى يرجع" (٦).
(١) محاسن التأويل: القاسمي (٤/ ٥٢٢٧). (٢) كل ذلك مبثوث في كتابه: تاريخ الجهمية والمعتزلة. وقد قام بالرد عليه الشيخ عبد الحميد الرفاعي في كتاب سماه: الصواعق المرسلة على تاريخ الجهمية والمعتزلة. (٣) ذكر ذلك الشيخ بهجت البيطار في رسالة عزاء أرسلها إلى العلامة محمود شكري الآلوسي. ينظر: الرسائل المتبادلة بين القاسمي والآلوسي (ص: ٢٣٩). (٤) طبقات الحنابلة: أبو يعلى (١/ ١٦٠). (٥) وهو: أبو علي الفضيل بن عياض بن مسعود بن بشر التميمي، الزاهد المشهور، نشأ بأبيورد وقدم الكوفة وسمع الحديث بها، ثم انتقل إلى مكة شرفها الله تعالى وجاور بها إلى أن مات في المحرم سنة ١٨٧ هـ، ينظر: وفيات الأعيان: ابن خلكان (٤/ ٤٧). (٦) شرح السنة: البربهاري (ص: ١٣٩).