للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وموسيقاهم، وقال له: "لا تكثر سواد المبتدعة، ولاتكن قدوة سيئة لغيرك" (١).

وقد آلمه كثيراً تصرفات مشايخ الطرق في دمشق وأعمالهم وادعاءاتهم وكثرة بدعهم، فشنَّع عليهم وبيَّن ضلالهم، وقد وصف ما يفعلون من منكرات أنها تضر بالدين، ففي حديثه عن مواكبهم التي كانت تخرج في الربيع، يقول: "لا تزال هذه الطوائف تبتدع أموراً تُضحك السفهاء وتُبكي العقلاء وتحتال لمطامعها البهيمية ما جلب العار على الأمة وسلط عليها الأجنبي يهزأ بديننا ويقبح أعمالنا ظناً منه أن ما يجريه هؤلاء الجهلة من الدين ..... الخ" (٢).

وكان مُتأثر بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله التي كانت سببًا لتنوير بصيرته وصفاء فؤاده.

يقول القاسمي: "إني -ولله الحمد- نشأت على حب مؤلفات شيخ الإسلام، والحرص عليها، والدعوة إليها، وأعتقد أن كل من لم يطالع فيها .. لم يشم رائحة العلم الصحيح، ولا ذاق لذة فهم العقل، وهم يعلمون ما ندعو إليه، وما نسعى لإشهاره. فطوراً يرموننا بالاجتهاد، وطورا بما قدمنا، وسيأخذ الحق بناصيتهم إن شاء الله" (٣).

وكان يُكثر من النقل عن ابن تيمية وابن القيم في تفسيره وخصوصًا في آيات الصفات لتقرير عقيدة السلف، كما سيأتي في الحديث عن منهجه في التفسير.

ويُبين القاسمي عقيدته في أسماء الله وصفاته فيقول: "أعدل المذاهب مذهب السلف؛ فإنهم أثبتوا النصوص بالتنزيه من غير تعطيل ولا تشبيه، وذلك أن المعطلين لم يفهموا من أسماء الله تعالى وصفاته إلا ما هو اللائق بالمخلوقات، ثم شرعوا في نفي تلك المفهومات، فجمعوا بين التمثيل والتعطيل، فمثّلوا أولا، وعطّلوا آخرا، فهذا تشبيه وتمثيل منهم للمفهوم من أسمائه وصفاته تعالى بالمفهوم من أسماء خلقه وصفاتهم، فعطلوا ما يستحقه من الأسماء والصفات اللائقة به ﷿، بخلاف سلف الأمة، وأجلاء الأئمة، فإنهم


(١) شيخ الشام: الإستانبولي (ص: ٩١).
(٢) إصلاح المساجد: القاسمي (ص: ٢٤٨)
(٣) جمال الدين القاسمي وعصره: ظافر القاسمي (ص: ٥٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>