للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قوله ثانيا: أن تعليم السحر كفر لقوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾.

فالجواب: أن هذا ليس على إطلاقه، وذلك لأن السحر لو لم يكن يُعلم لما أمكن الفرق بينه وبين المعجز، والعلم بكون المعجز معجزا واجب وما يتوقف الواجب عليه فهو واجب فهذا يقتضي أن يكون تحصيل العلم بالسحر واجبا وما يكون واجبا كيف يكون حراما وقبيحا (١).

وقول أبو مسلم هذا يخالف ما روي عن السدي وقتادة والحسن وابن جريج من أنه: أخذ عليهما - أي هاروت وماروت- أن لا يعلما أحدا حتى يقولا: إنما نحن فتنة فلا تكفر" (٢).

قوله ثالثا: أنه لا يجوز بعثة الأنبياء لتعليم السحر فكذا الملائكة.

فالجواب: لا نسلم أنه لا يجوز بعثة الأنبياء لتعليمه بحيث يكون الغرض من ذلك التعليم التنبيه على إبطاله.

قوله رابعا: إنما يضاف السحر إلى الكفرة والمردة فكيف يضاف إلى الله -تعالى- ما ينهى عنه؟

فالجواب: فرق بين العمل وبين التعليم فلم لا يجوز أن يكون العمل منهيا عنه؟ وأما تعليمه لغرض التنبيه على فساده فإنه يكون مأمورا به" (٣).

يُضاف على ما تقدم أيضًا أن ابن جرير الطبري ذكر بعضًا من الأوجه التي استدل بها القائلون بإثبات نزول السحر على المَلكين هاروت وماروت:

قال ابن جرير "وقالوا: إن قال لنا قائل: وهل يجوز أن ينزل الله السحر؟ أم هل يجوز لملائكته أن تعلمه الناس؟


(١) انظر: مفاتيح الغيب: الرازي (٣/ ٦٢٦).
(٢) انظر: جامع البيان: الطبري (٢/ ٣٥٥ - ٣٥٧).
(٣) مفاتيح الغيب: الرازي (٣/ ٦٣٠). بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>