للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قلنا له: إن الله ﷿ قد أنزل الخير والشر كله، وبين جميع ذلك لعباده، فأوحاه إلى رسله وأمرهم بتعليم خلقه وتعريفهم ما يحل لهم مما يحرم عليهم؛ وذلك كالزنا والسرقة وسائر المعاصي التي عرفوها ونهاهم عن ارتكابها، فالسحر أحد تلك المعاصي التي أخبرهم بها ونهاهم عن العمل بها.

قالوا: ليس في العلم بالسحر إثم، كما لا إثم في العلم بصنعة الخمر ونحت الأصنام والطنابير والملاعب، وإنما الإثم في عمله وتسويته (١).

قالوا: وكذلك لا إثم في العلم بالسحر، وإنما الإثم في العمل به وأن يضر به من لا يحل ضره به.

قالوا: فليس في إنزال الله إياه على الملكين ولا في تعليم الملكين من علماه من الناس إثم إذا كان تعليمهما من علماه ذلك بإذن الله لهما بتعليمه بعد أن يخبراه بأنهما فتنة وينهاه عن السحر والعمل به والكفر؛ وإنما الإثم على من يتعلمه منهما ويعمل به، إذ كان الله تعالى ذكره قد نهاه عن تعلمه والعمل به.

قالوا: ولو كان الله أباح لبني آدم أن يتعلموا ذلك، لم يكن من تعلمه حرجا، كما لم يكونا حرجين لعلمهما به، إذ كان علمهما بذلك عن تنزيل الله إليهما" (٢).

تنبيه:

تعقب الحافظ ابن كثير على الإمام ابن جرير فقال: " ادعى أن هاروت وماروت ملكان أنزلهما الله إلى الأرض، وأذن لهما في تعليم السحر اختبارا لعباده وامتحانا، بعد أن بين لعباده أن ذلك مما ينهى عنه على ألسنة الرسل، وادعى أن هاروت وماروت مطيعان في تعليم ذلك؛ لأنهما امتثلا ما أمرا به. وهذا الذي سلكه غريب جدا! " (٣).


(١) مسألة تعلم السحر دون عمله مما اختُلف فيه، والبعض يرى أنه تعلُّمه كفر لظاهر قوله تعالى: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ﴾، فدل على أن تعلمه بمجرده كفر. ينظر: التمهيد لشرح كتاب التوحيد: صالح آل الشيخ (١/ ٢٩٩).
(٢) جامع البيان: الطبري (٢/ ٣٣٣).
(٣) تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (١/ ٥٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>