ثالثًا: في تعقب القاسمي ﵀ على من سبقه حل في بعض المسائل المشكلة، أو بيان غفلة من أحد الأعلام، أو إيضاح وهم وقع فيه، وهذا مطلب شرعي لإزالة الشك والوهم واللبس الذي يقع عند القارئ، وهذا من احقاق الحق، وقد تقدمت الأمثلة على تعقب القاسمي ﵀ على وقوع الغفلة أو الوهم أو بما معناه عند الأعلام.
رابعًا: تعقب القاسمي ﵀ على أهل البدع من الرافضة والمعتزلة وغيرهم من علامات الأمانة التي يحملها، إذ إن السكوت عن أقوال المبتدعة غش للأمة، وخيانة لها، لأن البدع من موجبات غضب الله وسخطه، لقوله ﷺ:"وكل ضلالة في النار"(١). والسكوت عنها يؤدي إلى انتشارها واعتقادها وتعلّق الناس بها وتوقير أهلها، والناس أسرع ما يكونون إلى الباطل، والله المُستعان.
وقد كثرت الآثار عن بعض السلف في التحذير من البدع وأهلها، من ذلك:
ما روي عن إبراهيم بن ميسرة (٢) أنه قال: «ومن وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام»(٣).
ويقول الإمام مالك ﵀:" ومن أحدث في هذه الأمة شيئا لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن رسول الله ﷺ خان الدين، لأن الله تعالى يقول: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [سورة المائدة: ٣] فما لم يكن يومئذ دينا، لا يكون اليوم دينا"(٤).
خامسًا: تعقب القاسمي ﵀ على من سبقه من أهل البدع الذين يُفسرون الآيات بالوجه الذي يوافق بدعهم وأهوائهم، هو من رحمة الله تعالى بهم أن سخر لهم من
(١) أخرجه النسائي في سننه، كتاب العيدين، باب الخطبة في العيدين بعد الصلاة، كيف الخطبة، برقم: (١٥٧٨) قال الألباني: صحيح. (ص: ٢٦٠). (٢) وهو: إبراهيم بن ميسرة الطائفي، الفقيه، نزيل مكة، وكان يُحدث كما سمع، وكان فقيها، وثَّقه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة. ينظر: سير أعلام النبلاء: الذهبي (٦/ ١٢٣، ١٢٤)، (٣) أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (١/ ١٣٩) برقم: (٢٧٣)، وأخرجه الآجري في الشريعة عن أبي إسحاق الهمذاني (٥/ ٢٥٤٤) برقم: (٢٠٤٣). (٤) الاعتصام: الشاطبي (٢/ ٥٣٥).