للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فلما نهضنا من مجلسه قال بعض أصحابنا: قد كان ينبغي لنا أن نقول له: (حراسة العلم أولى من حراسة العالم)، وفي السكوت عن أبي بكر إجلال ولكن خيانة للعلم (١).

وكذا يُقال لكل من تعمد السكوت عن الخطأ والباطل من غير سبب سائغ، أو من غير مصلحة راجحة، أن ذلك من خيانة العلم، فتعقب القاسمي على من سبقه هو امتثال لمنهج العلماء السابقين وما كانوا عليه من حفظ العلم وأمانته، والله أعلم.

ثانيًا: في تعقب القاسمي على من سبقه تمييز بين ضعيف الأقوال ومردودها وما لا يُعتد به من صحيحها، وبيان الحق مما هو مطلوب به في الشريعة الإسلامية، وقد بين أهل العلم قديمًا في كُتبهم ومصنفاتهم أهمية بيان الحق من الباطل والتمييز بين الأقوال الصحيحة من المردودة.

يقول الحافظ الخطيب البغدادي (٢) في مقدمة (الموضح): "ولما جعل الله تعالى في الخلق أعلاما ونصب لكل قوم إماما لزم المهتدين بمبين أنوارهم والقائمين بالحق في اقتفاء آثارهم ممن رزق البحث والفهم وإنعام النظر في العلم بيان ما أهملوا وتسديد ما أغفلوا إذ لم يكونوا معصومين من الزلل ولا آمنين من مقارفة الخطأ والخطل وذلك حق العالم على المتعلم وواجب على التالي للمتقدم" (٣).

ويقول العلامة ابن الوزير اليماني (٤): "ولو أنّ العلماء تركوا الذّبّ عن الحقّ خوفاً من كلام الخلق: لكانوا قد أضاعوا كثيراً، وخافوا حقيراً" (٥). وقد تقدمت الأمثلة على الأقوال الضعيفة والمردودة التي عقَّب عليها القاسمي .


(١) البصائر والذخائر: أبو حيان التوحيدي (٩/ ٢٠).
(٢) وهو: الإمام الأوحد، العلامة المفتي، الحافظ الناقد، محدث الوقت، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد البغدادي، صاحب التصانيف، وخاتمة الحفاظ، مات سنة ثلاث وستين. ينظر: سير أعلام النبلاء: الذهبي (١٨/ ٢٧٠ - ٢٨٦).
(٣) موضح أوهام الجمع والتفريق: الخطيب البغدادي (١/ ١٣).
(٤) وهو: محمد بن إبراهيم بن علي بن المرتضى القاسمي، أبو عبد الله، عز الدين، من آل الوزير: مجتهد باحث، من أعيان اليمن، تعلم بصنعاء وصعدة ومكة. وأقبل في أواخر أيامه على العبادة. مات سنة ٨٤٠ هـ. ينظر: الأعلام: الزركلي (٥/ ٣٠٠).
(٥) الروض الباسم: ابن الوزير (١/ ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>