الْبَحْرَيْنِ، هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ، قَالَ مُوسَى: يَا رَبِّ فَكَيْفَ لِي بِهِ؟ قَالَ: تَأْخُذُ مَعَكَ حُوتًا فَتَجْعَلُهُ فِي مِكْتَلٍ (١)، فَحَيْثُمَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَهْوَ ثَمَّ (٢).
فَأَخَذَ حُوتًا فَجَعَلَهُ فِي مِكْتَلٍ، ثُمَّ انْطَلَقَ، وَانْطَلَقَ مَعَهُ بِفَتَاهُ (٣) يُوشَعَ بْنِ نُونٍ، حَتَّى إِذَا أَتَيَا الصَّخْرَةَ وَضَعَا رُءُوسَهُمَا فَنَامَا (٤)، وَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فِي الْمِكْتَلِ، فَخَرَجَ مِنْهُ فَسَقَطَ فِي الْبَحْرِ ﴿فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا﴾ (٥) وَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنِ الْحُوتِ جِرْيَةَ (٦) الْمَاءِ، فَصَارَ عَلَيْهِ مِثْلَ الطَّاقِ (٧)، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ نَسِيَ صَاحِبُهُ أَنْ يُخْبِرَهُ بِالْحُوتِ، فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا وَلَيْلَتَهُمَا، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَالَ مُوسَى ﴿لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا﴾ (٨) قَالَ: وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصَبَ، حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، فَقَالَ لَهُ فَتَاهُ: ﴿أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا (أَنْسَانِيهِ) إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا﴾ (٩). قَالَ: فكانَ لِلْحُوتِ سَرَبًا، وَلمُوسَى وَلِفَتَاهُ
(١) مكتل: وعاء كبير يسع خمسة عشر صاعًا، والصاع مكيال قدره: ٢،٠٤ كيلو جرام. (انظر: المكاييل والموازين) (ص ٣٧).(٢) ثم: هناك، وهو: اسم إشارة للمكان البعيد. (انظر: لسان العرب، مادة: ثمم).(٣) لأبي ذر عن الكشميهني: "فَتاهُ".(٤) لأبي ذر عن الحموي والمستملي: "وَنَامَا".(٥) [الكهف: ٦١].سربا: ذهابًا في حدور. (انظر: المفردات في غريب القرآن) (ص ٤٠٥).(٦) جرية: حالة الجريان. (انظر: النهاية في غريب الحديث، مادة: جرا).(٧) الطاق: ما عقد أعلاه بالبناء، وترك تحته خاليا. (انظر: عمدة القاري) (٢/ ١٨٩).(٨) [الكهف: ٦٢].نصبا: النَّصَب: التعب. (انظر: المفردات في غريب القرآن) (ص ٨٠٨).(٩) [الكهف: ٦٣].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute